باب
تبيين الحروف الزوائد
والأدلّة التي يتوصّل بها
إلى معرفة زيادتها من أصالتها
وإنّما بدأنا بهذا القسم ؛ لأنه يبنى عليه معرفة التصغير والتكسير اللذين جرت عادة النحويّين بذكرهما ، قبل الخوض في علم التصريف ـ ومعرفة كثير من الأسماء ، التي لا تنصرف أيضا ، نحو الأسماء التي امتنع صرفها ؛ لكونها على وزن الفعل الغالب أو المختصّ ، أو لزيادة الألف والنون في آخرها ؛ إذ لا يوصل إلى معرفة الزيادة والوزن إلّا من علم التصريف.
أمّا الأدلّة ، التي يعرف بها الزائد من الأصليّ ، فهي الاشتقاق ، والتصريف ، والكثرة واللّزوم ، ولزوم حرف الزيادة البناء ، وكون الزيادة لمعنى ، والنظير ، والخروج عن النظير ، والدخول في أوسع البابين عند لزوم الخروج عن النظير.
أمّا الاشتقاق منها فينقسم إلى قسمين : اشتقاق أصغر ، واشتقاق أكبر.
فالاشتقاق الأكبر هو عقد تقاليب الكلمة كلّها على معنى واحد ، نحو ما ذهب إليه أبو الفتح بن جنّي من عقد تقاليب «القول» السّتّة على معنى الخفّة ، ولم يقل به أحد من النحويّين إلّا أبا الفتح ، وحكى هو عن أبي عليّ ، أنه كان يأنس به في بعض الأماكن ، والصحيح أنّ هذا النحو ، من الاشتقاق ، غير مأخوذ به ، لعدم اطّراده ، ولما يلحق فيه من التكلّف لمن رامه ، وقد صرّح صاحب هذا المذهب ـ وهو أبو الفتح بن جنّي ـ بعدم اطّراد هذا القسم ، من الاشتقاق ، فقال «على أنّ هذا ، وإن لم يطرّد ، وينقد في كل أصل ، فالعذر فيه على كلّ حال ، أبين منه في الأصل الواحد ، من غير تقليب لشيء من حروفه ، فإذا جاز أن يخرج بعض الأصل الواحد ، من أنّ تنظمه قضيّة الاشتقاق ، كان فيما تقلبّت أصوله ـ عينه وفاؤه ولامه ـ أسهل ، والمعذرة فيه أوضح». انتهى.