باب الهمزة
الهمزة لا يخلو أن تقع أوّلا ، أو غير أوّل. فإن وقعت غير أوّل قضي عليها بالأصالة ، ولا يحكم عليها بالزيادة إلّا أن يقوم على ذلك دليل. وذلك أنّ الهمزة إذا وقعت غير أوّل ، فيما عرف له اشتقاق أو تصريف ، وجدت أصليّة ، ولم توجد زائدة ، إلّا في ألفاظ يسيرة. وهي :
«شمأل» (١) و «شأمل» بدليل قولهم «شملت الريح». ولو كانت الهمزة أصليّة لقالوا «شأملت» و «شمألت».
و «جرائض» (٢) ، لأنهم قالوا في معناه «جرواض».
و «حطائط» ، لأنه الصغير ، المحطوط عن قدره المعتاد.
و «قدائم» ، لأنه في معنى : قديم.
و «النّئدلان» ، لأنهم يقولون في معناه : «النّيدلان». قال :
نفرجة (٣) الهمّ ، قليل ما النّيل |
|
يلقى عليه النّيدلان باللّيل |
والنّيدلان هو الذي يسمّى الكابوس.
و «ضهيأ» ، لأنهم يقولون في معناه «ضهياء». وحروف «ضهياء» الأصول إنما هي الضاد والهاء والياء ، فكذلك «ضهيأ» المقصور. وأيضا فإنّ «الضهيأ» : المرأة التي لا تحيض ، وقيل : التي لا ثدي لها. فهو ـ على هذا ـ مشتق من «ضاهيت» أي : شابهت. قال تعالى : (يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ) [التوبة : ٣٠]. فالهمزة ـ على هذا ـ زائدة.
وزعم الزّجّاج أنه يجوز أن تكون همزة «ضهيأ» أيضا أصليّة ، وياؤه زائدة ، ويكون
__________________
(١) الشمأل والشأمل : ريح الشمال.
(٢) الجرائض : الجمل الضخم.
(٣) الرجز ، لحريث بن زيد الخيل في شرح شواهد الإيضاح ص ٦٢٣ ، وبلا نسبة من رصف المباني ص ٣٣١ ، وسر صناعة الإعراب لابن جني ١ / ١١١ ، ولسان العرب ، (فرج) ، وانفرجه : الجبان الضعيف.