وكذلك «علبط» (١) ، و «هدبد» (٢) ، و «عكمس» (٣) ، و «عجلط» (٤) ، و «عكلط» (٥) ، و «دودم» (٦) ، ليس في شيء من ذلك دليل على إثبات «فعلل» في الرباعيّ. يدلّ على ذلك أنه لا يحفظ شيء من ذلك ، إلّا والألف قد جاء فيه ، نحو «علابط» و «هدابد» و «عكامس» و «دوادم» و «عجالط» و «عكالط» ، فدلّ ذلك على أنها مخفّفة بحذف الألف ، إذ لو لم تكن كذلك لجاءت بغير ألف البتّة.
وكذلك «عرتن» (٧) ، ليس فيه دليل على إثبات «فعلل» في الرباعيّ ؛ لأنه لم يجىء منه إلّا هذا ، وقد قالوا في معناه «عرنتن» ، فيمكن أن يكون هذا مخفّفا منه ، كما خفّفوا الألف في «علابط» ونحوه ؛ لأنّ النون لزمت زيادتها ، في مثل هذا الموضع ـ أعني : ثالثة ساكنة ـ كما لزمت زيادة الألف ، فأجروها مجراها لذلك.
وكذلك «جندل» ، و «ذلذل» (٨) ، ليس فيه دليل على إثبات «فعلل» في أبنية الرباعيّ ؛ لأنهم قد قالوا «جنادل» و «ذلاذل» في معناهما ، فهما مخفّفان منهما ، ومما يؤيّد ذلك أنه لا يتوالى في كلامهم أربعة أحرف بالتحريك ، ولذلك سكّن آخر الفعل في «ضربت» ؛ لأنّ ضمير الفاعل تنزّل من الفعل منزلة جزء من الكلمة ، فكرهوا لذلك توالي أربعة أحرف بالتحريك ، فإذا كان ممتنعا ، فيما هو كالكلمة الواحدة ، فامتناعه فيما هو كلمة واحدة أحرى.
وأما «فعلل» فحكي منه «زئبر» و «ضئبل» (٩) ، وذلك شاذّ لا يلتفت إليه ، لقلّة استعماله.
والسبب ، في أن كانت أبنية الثلاثيّ أكثر من أبنية الرباعيّ ، أنّ الثلاثيّ أخفّ ، لكونه أقلّ أصول الأسماء المتمكّنة ، فتصرّفوا فيه ، لخفّته ، أكثر من تصرّفهم في الرباعيّ ، ولذلك
__________________
(١) العلبط : الغليظ في اللبن ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (علبط).
(٢) الهدبد : اللبن الخاثر جدا ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (هدبد).
(٣) العكمس : الإبل الكثيرة ، الصحاح للجوهري ، مادة (عكمس).
(٤) العجلط : اللبن الخاثر الطيب الثخين ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (عجلط).
(٥) العكلط : اللبن الخاثر الثخين ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (عكلط).
(٦) الدودم : شيء شبه الدم يخرج من شجر السمر ، لسان العرب ، مادة (ددم).
(٧) العرتن : الشجر يدبغ به ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (عرتن).
(٨) الذلذل : أسافل القميص الطويل إذا خلق وناس ، الصحاح للجوهري مادة (ذلذل).
(٩) الضئبل : الداهية تاج العروس للزبيدي ، مادة (ضأبل).