بعد كذا وكأيّن ، في الأصل ، عن الكاف ، لا عن «ذا» و «أيّ» ، كما في : مثلك رجلا ، لأنك نبيّن في : كذا رجلا ، وكأيّن رجلا ، أن مثل العدد المبهم من أي جنس هو ، ولم تبيّن العدد المبهم حتى يكون التمييز عن ذا ، وأيّ ؛
فأيّ في الأصل ، كان معربا ، لكنه ، كما قلنا في «كذا» انمحى عن الجزأين ، معناهما الإفرادي ، وصار المجموع كاسم مفرد بمعنى «كم» الخبرية ، فصار كأنه اسم مبني على السكون ، آخره نون ساكنة ، كما في «من» لا تنوين تمكن ، فلذا يكتب بعد الياء نون ، مع أن التنوين لا صورة له خطّا ، ولأجل التركيب ، تصرّف فيه فقيل : كائن بالألف بعد الكاف ، بعدها همزة مكسورة بعدها نون ساكنة ؛
قال يونس (١) : هو : اسم فاعل من كان ، وذهب المبرد ، وهو الأولى ، إلى أنهم بنوا من الكلمتين لما ركبوهما : اسما على فاعل ، فالكاف فاء الكلمة ، والهمزة التي كانت فاء «أيّ» ، صارت عينا ، وحذفت إحدى الياءين ، وبقيت الأخرى لاما ؛
وقال الخليل : الياء الساكنة من «أي» قدّمت على الهمزة وحركت بحركتها لوقوعها موقعها ، وسكنت الهمزة لوقوعها موقع الياء الساكنة ثم قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فاجتمع ساكنان : الألف والهمزة ، فكسرت الهمزة لالتقاء الساكنين ، وبقيت الياء الأخيرة بعد كسرة فأذهبها التنوين بعد زوال حركتها كالمنقوص ؛
وقال بعضهم : الياء المتحركة قدّمت على الهمزة وقلبت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، ثم سكنت الهمزة وكسرت للساكنين وحذفت الأولى كما في : قاض ؛ ومنهم من قال : قدّمت العين ، أي الياء الساكنة على الهمزة وقلبت ألفا مع سكونها كما في : طائيّ ، وحاريّ ، (٢) ثم نقلت كسرة الياء إلى الهمزة اتماما للتغيير ، وحذفت للتنوين بدليل أن من لغاته : كيئ نحو : كيع ؛ (٣) وقد يقال : كيأ بفتح الهمزة على أنها بقيت مفتوحة ، ثم قلبت الياء التي
__________________
(١) يونس بن حبيب أحد شيوخ سيبويه ، وتقدم ذكره في هذا الجزء وفيما قبله ؛
(٢) طائي : نسبة شاذة إلى طيئ ؛ وحاريّ منسوب إلى الحيرة ، وهو شاذ أيضا ؛
(٣) كلمة أراد بها ضبط ما قبلها فجعل مكان الهمزة عينا ، وكذلك في قوله بعد هذا : كعي وكع ؛