[قال الرضى :]
كم الاستفهامية ، وكم الخبرية تدلّان على عدد ومعدود ، فالاستفهامية لعدد مبهم عند المتكلم ، معلوم ، في ظنه ، عند المخاطب ، والخبرية لعدد مبهم عند المخاطب وربّما يعرفه المتكلم ، وأمّا المعدود فهو مجهول عند المخاطب في الاستفهامية والخبرية فلذا احتيج إلى التمييز المبيّن للمعدود ، ولا يحذف إلا لدليل ، كما تقول مثلا : كم عندك ، إذا جرى ذكر الدنانير ، أي كم دينارا ، أو : كم عندي ، أي كم دينار ، قالوا : وحذف مميز الاستفهامية أكثر ، لأنه في صورة الفضلات ؛ ومميز الاستفهامية منصوب مفرد ، حملا لها على المرتبة الوسطى من العدد ، وستجيء العلة في باب العدد ، وإنما حملت على وسطى المراتب ، لأن السائل لا يعرف في الأغلب : الكثرة والقلة ، فحملها على الدرجة المتوسطة بين القلة والكثرة أولى ؛ وكم ، منونة تقديرا ، لكن فصل المميز عن كم الاستفهامية جائز في الاختيار ، نحو : كم لك غلاما ، ولا يجوز ذلك في العدد ، إلا اضطرارا كما قال :
على أنني بعد ما قد مضى |
|
ثلاثون للهجر حولا كميلا (١) ـ ٢٠٧ |
وذلك لأن العدد مع المعدود ككلمة واحدة ، ألا ترى أن «عشرون» مع مميزه بمنزلة : رجل ورجلان ، ولو وجدوا لفظا دالّا على المعدود مع العدد كما في المفرد والمثنى ، لم يحتاجوا إلى العدد ؛ وكذا كل مقدار مع مميزه ، لا يفصل بينهما نحو : رطل زيتا ، لأنه هو ، بدليل إطلاق أحدهما على الآخر ، بخلاف كم الاستفهامية مع مميزها ؛ ولا يجوز جر مميز الاستفهامية إلا إذا انجرت هي بحرف الجر ، نحو : على كم جذع بني بيتك ، وبكم رجل مررت ، فيجوز في مثله : الجر مع النصب ، وذلك لأن المميّز والمميّز في المعنى : شيء واحد ، فكأن الجار الداخل على «كم» ، داخل على مميّزه فالجر عند الزجاج بسبب إضافة «كم» إلى مميزه كما في الخبرية ، قصد تطابق «كم» ومميزه جرا ، وعند النحاة : هو مجرور بمن مقدرة ، ومجوّز إضمارها : قصد التطابق ، ولا يجوز أن يكون المجرور بدلا
__________________
(١) تقدم هذا الشاهد في باب التمييز ، في الجزء الثاني ؛