المميز معا ؛ وذلك أنك تقول : كم يوما ضربت ، فكم ، منصوب على الظرف مع اقتضاء الفعل للمفعول به والمصدر والمفعول فيه ، وغير ذلك من المنصوبات ، فتعيّنه لأحد المنصوبات : إنما هو بحسب الفعل وحسب المميز ، فبقولك «معا» ، تعيّن للظرفية ، ولو قلت : كم رجلا .. لكان انتصابه بكونه مفعولا به ، ولو قلت : كم ضربة ، لانتصب بكونه مفعولا مطلقا ؛
ويجوز أن يجعل «كم» في هذه المواضع مبتدأ ، والجملة خبره ، والضمير في الجملة مقدر على ضعف كما مر ؛ (١)
قوله : «ما بعده فعل» ، أي فعل أو شبهه ، ليشمل نحو : كم يوما أنت سائر ، وكم رجلا أنت ضارب ، وليس بمعروف انتصابها (٢) الا مفعولا بها أو ظرفا ، أو مصدرا ، أو خبر كان ، نحو : كم كان مالك ، أو مفعولا ثانيا لباب ظنّ ، نحو : كم ظننت مالك ؛
قوله : «كل ما بعده فعل غير مشتغل عنه» ، منتقض بقولك : كم جاءك ، فان «جاءك» فعل غير مشتغل عن «كم» بضميره ، لأن معنى الاشتغال عنه بضميره : أنه كان ينصبه لو لم ينصب ضميره ، كما ذكرنا في المنصوب على شريطة التفسير ؛
قوله : «وكل ما قبله حرف جر ، أو مضاف ، فمجرور» ، إنما جاز تقدم حرف الجر أو المضاف عليهما ، مع أن لهما صدر الكلام ، لأن تأخير الجارّ عن مجروره ممتنع ، لضعف عمله ، فجوّز تقديم الجار عليهما ، على أن يجعل الجار ، سواء كان اسما أو حرفا ، مع المجرور ككلمة واحدة مستحقة للتصدّر ، حتى لا يسقط المجرور عن مرتبته ؛ ولهذا حذف ألف «ما» الاستفهامية المجرورة ، كما مرّ في الموصولات ؛ تقول : بكم رجل مررت؟ ، وغلام كم رجل ضربت ، ويكون اعراب المضاف كاعراب «كم» لو لم يكن مضافا اليه ؛
__________________
(١) لأن الضمير العائد من الخبر الفعلي على المبتدأ ، لا يحذف في الأفصح ؛
(٢) يعني كم ، يقصد كونها في محل النصب ، وقد عاد هنا إلى الحديث عن كم ، باعتبارها كلمة فأنثها ؛