قوله : «والا فهو مرفوع» ، أي إن لم يكن بعده فعل غير مشتغل بضميره ، ولا قبله جارّ ، فهو مرفوع ، وذلك أنه إذا لم يكن لا قبله عامل ، ولا بعده ، كان اسما مجردا عن العوامل ، على مذهب البصريين ، فيكون مبتدأ أو خبرا ؛
فأمّا ألّا يكون بعده فعل ، نحو : كم مالك ، أو إن كان ، كان عاملا في ضميره ، أو متعلقه ، إما على وجه الفاعلية ، نحو : كم رجلا جاءك ، أو : كم رجلا جاءك غلامه ، أو على وجه المفعولية ، نحو : كم رجلا ضربته أو ضربت غلامه ؛
ولو قيل في المشتغل بضمير المفعول أو بمتعلقه : انه مفسر لناصب «كم» ، والتقدير : كم رجلا ضربت ضربته ، لجاز ، إلّا أن الرفع فيه أولى ، للسلامة من التقدير ، على ما تبيّن ، فيما أضمر عامله على شريطة التفسير ؛ والأولى أن يقدر الناصب بعد «كم» ومميزه ، لحفظ التصدر على «كم» ، ولا منع من تقدير الناصب قبل «كم» ، لأن المقدّر معدوم لفظا ، والتصدّر اللفظي هو المقصود ؛
قوله : «إن لم يكن ظرفا» ، يعني «كم» ، وكونه ظرفا باعتبار مميزه ، نحو : كم يوما سفرك ، فكم ههنا منصوب المحل ، أولا ، داخل في قوله : ما بعده فعل أو شبهه ، غير مشتغل عنه ، لأن التقدير : كم يوما كائن سفرك ، ومرفوع المحل ثانيا ، لقيامه مقام عامله الذي هو خبر المبتدأ ؛
ومثال كونه مبتدأ ، كم رجل جاءني ؛ وأمّا : كم مالك؟ ، فالأولى فيه أن يكون خبرا ، لا مبتدأ ، لكونه نكرة ، ما بعده معرفة ، كما مرّ في باب المبتدأ ،
قوله : «وكذلك أسماء الاستفهام والشرط» ، أي تقع مرفوعة ومنصوبة ومجرورة ، على ما ذكر من مواقع «كم» ، إلا أن ما هو ظرف من هذه الأسماء ، كمتى ، وأين ، وإذا ؛ إذا لم ينجر بحرف جر ، نحو : من أين ، فلا بدّ من كونه منصوبا على الظرفية ؛ وقد يخرج «إذا» عن الظرفية ، كما يجيئ في الظروف ؛
ويرتفع اسم الاستفهام محلّا مع انتصابه على الظرفية ، إذا كان خبر مبتدأ مؤخر نحو : متى عهدك بفلان؟ ؛
وأمّا أسماء الشرط الظرفية، فلا تكون إلا منصوبة على الظرفية أبدا، وما ليس بظرف ،