وأمّا «كأيّن» ، فنقل أبو سعيد السيرافي عن سيبويه (١) أنه بمعنى «ربّ» ، لا بمعنى «كم» ، قال : لأنه يستقيم : كم لك ، ولا يستقيم : كأيّن لك ، كما لا يستقيم : ربّ لك ؛
وليس بدليل واضح ، لأن «كم» لكثرة استعمالها ، دون «كأيّن» ، جاز حذف مميزها ، وأمّا «ربّ» فحرف جر (٢) ، لا يحذف مجروره ؛
ولم أعثر على منصوب بعد «كأين» ؛ (٣)
وقال بعضهم : يلزم ذكر «من» بعدها ، ولعلّ ذلك لأنه لو لم يؤت بمن ، وجب نصب مميزها لمجيئه بعد المنون ، فكان مميزها كمميز «كم» الاستفهاميه مع أنها بمعنى «كم» الخبرية ؛
وقد جاء «كأيّن» في الاستفهام قليلا ، دون «كذا» ، ومنه قول أبيّ بن كعب ، لزرّ بن حبيش (٤) : كأيّن تعدّ سورة الاحزاب ، أي : كم تعدّ؟ فاستعملها استفهامية ، وحذف مميزها ، وهما قليلان ؛
ويلزمها التصدر ، دون «كذا» ، لما قلنا في «كم» الخبرية ؛
وورود «كذا» مكررا مع واو ، نحو : كذا وكذا : أكثر من افراده ، ومن تكريره بلا واو ؛ ويكنى به عن العدد ، نحو : عندي كذا درهما ، وعن الحديث ، نحو : قال فلان كذا ، ولا دلالة فيه على التكثير ، اتفاقا ؛
وكنى بعضهم بكذا ، المميز بجمع ، نحو : كذا دراهم ، عن ثلاثة وبابها ؛ وبالمكرر
__________________
(١) كونها بمعنى ربّ ، صريح في كلام سيبويه ١ / ٢٩٨ وفي تعليق للسيرافي بهامش الطبعة الأولى من الكتاب : ترجيح لمذهب سيبويه ؛
(٢) للرضى رأي في أن ربّ اسم ، ولكن جرى هنا على مذهب الجمهور ؛
(٣) نقله سيبويه عن يونس في الكتاب ١ / ٢٩٧ ؛
(٤) المشهور أن السائل وجّه السؤال إلى عبد الله بن مسعود ؛ رضي الله عنه ؛