وعلة بنائهما : مشابهتهما لإذ ، وإذا ، وحيث ، لأنهما مضافان من حيث المعنى إلى مصدر ما وليهما ، ولأن فيهما الإبهام مثلها لفقد الحصر ، كما مرّ ، والمبني ، وهو : ما ، وأنّ ، وأن ، واقع موقع ما أضيفا إليه ؛
ولو ثبت ما نقل الكوفيون من إضافة الظروف إلى ما صدره «أن» المشددة أو المخففة ، لجاز إعرابها وبناؤها نحو مثل ، وغير ؛
وكذا يجوز اتفاقا بناء الظروف المتقدمة على «إذ» ، نحو : حينئذ ، وإعرابها ، قرئ قوله تعالى : (مِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ)(١) ، بفتح يوم ، وجرّه (٢) ، أما الإعراب فلعروض علة البناء ، أعني الإضافة إلى الجمل ، وأمّا البناء فلوقوع إذ ، المبني موقع المضاف إليه لفظا ، كما بينّا ، فصار (٣) نحو قوله : على حين عاتبت المشيب ؛
فثبت بما بيّنا أن قوله : «والظروف المضافة إلى الجمل يجوز بناؤها» ، ليس ينبغي أن يكون على إطلاقه ؛
وقوله : ... مثل وغير ، مع ما ، وأن : أي : مثل» مع ما ، و «غير» مع أن ، مشدّدة ومخففة ؛ وهذا تمام الكلام على الظروف المضافة إلى الجمل ؛
وقال المصنف : بني «حيث» لأنه موضوع لمكان حدث تتضمنه الجملة ، فشابه الموصولات في احتياجه إلى الجمل ، وكذا قال في : إذ ، وإذا ؛
ويجوز أن يقال في «إذ» انه بني لأن وضعه وضع الحروف (٤) ، كما يقول بعضهم ؛ وبني «حيث» على الضم في الأشهر ، تشبيها بالغايات ، لأن إضافته كلا إضافة ، على ما ذكرنا ، وقد تفتح الثاء وتكسر ، وقد يخلف ياءها واو ، مثلثة الثاء أيضا ، وإعرابها لغة فقعسية ، وندرت إضافتها إلى المفرد ، قال :
__________________
(١) الآية ٦٦ سورة هود.
(٢) قرأ غير نافع والكسائي بكسر الميم ، والباقون بفتحها ؛
(٣) أي صار «يومئذ» ، وما أشبهه ، مثل قوله : على حين عاتبت في جواز الإعراب والبناء ؛
(٤) يرى بعض العلماء أن وضع الاسم على حرفين مطلقا ، من أسباب البناء ، وبعضهم يخص ذلك بأن يكون ثاني الحرفين معتلا ؛