أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ» (١) ، لأن الفتن (٢) ، والإفاءة ، متحققا الوجود في الماضي ، فلا يكون فيهما معنى الشرط الذي هو الفرض ، ومنه أيضا ، قوله تعالى : (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ ، فَمِنَ اللهِ)(٣) ، والفاء في مثل هذه المواضع في الحقيقة زائدة ؛
وإنما رتب «إذا» والموصول ، في الآيات المذكورة والجملتان بعده ، ترتيب كلمة الشرط وجملتي الشرط والجزاء ، وإن لم يكن فيهما معنى الشرط ليدل هذا الترتيب على لزوم مضمون الجملة الثانية لمضمون الجملة الأولى لزوم الجزاء للشرط ، ولتحصيل هذا الغرض ، عمل في «إذا» جزاؤه مع كونه بعد حرف لا يعمل ما بعده فيما قبله ، كالفاء في : فسبّح ، وانّ ، في قولك : إذا جئتني فإنك مكرم ، ولام الابتداء في نحو قوله تعالى : (.. أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا)(٤) ، كما عمل ما بعد الفاء وإنّ في الذي قبلهما في نحو : أمّا يوم الجمعة فإن زيدا قائم ، وأمّا زيدا فإني ضارب ، للغرض الداعي إلى هذا الترتيب ، كما يجيئ في حروف الشرط ؛
فإذا تقرّر هذا قلنا ، العامل في «متى» وكل ظرف فيه معنى الشرط : شرطه ، على ما قال الأكثرون ، ولا يجوز أن يكون جزاءه ، على ما قال بعضهم ، كما لا يجوز في غير الظرف ، على ما مرّ ، ألا ترى أنك لا تقول : أيّهم جاءك فاضرب بنصب أيّهم ، على ما مضى في الكنايات ،
ولو جاز ، أيضا ، عمل الجزاء في أداة الشرط ، لقلنا : الشرط أولى ، لأنهما فعلان توجها إلى معمول واحد (٥) والأقرب أولى بالعمل فيه على ما هو مذهب البصريين ، ولو كان العامل ههنا هو الأبعد ، كما هو اختيار الكوفيين لكان الإختيار شغل الأقرب بضمير المفعول عند أهل المصرين ، كما في : زارني ، وزرته زيد ، فكان الأولى ، إذن ، أن
__________________
(١) الآية ٦ سورة الحشر ؛
(٢) مصدر فتن في الآية السابقة ؛
(٣) الآية ٥٣ سورة النحل.
(٤) الآية ٦٦ سورة مريم.
(٥) جرى في هذا على ما رجحه في باب التنازع من جواز التنازع في المتقدم المنصوب ؛