المتكلم بوقوع الفعل فيه ، كما وضعت «إذا» ، فجاز أن يرسخ الفرض الذي هو معنى الشرط في الحدث الواقع فيها ، وامّا «إذا» ، فلما كان حدثه الواقع فيه مقطوعا به في أصل الوضع لم يرسخ فيه معنى «ان» الدالة على الفرض ، بل صار عارضا على شرف الزوال ، فلهذا لم يجزم إلا في الشعر ، مع إرادة معنى الشرط وكونه بمعنى «متى» ، قال :
٤٩٣ ـ ترفع لي خندف والله يرفع لي |
|
نارا ، إذا خمدت نيرانهم تقد (١) |
وقال :
٤٩٤ ـ إذا قصرت أسيافنا كان وصلها |
|
خطانا إلى أعدائنا فنضارب (٢) |
ومن جهة عروض معنى الشرط فيها ، لم يلزم ، عند الأخفش ، وقوع الفعلية بعدها ، كما مر في المنصوب على شريطة التفسير ؛
ولما كثر دخول معنى الشرط في «إذا» ، وخروجه عن أصله من الوقت المعين ، جاز استعماله ، وإن لم يكن فيه معنى «ان» الشرطية وذلك في الأمور القطعية ، استعمال (٣) «إذا» المتضمنة لمعنى «إن» ، وذلك بمجيئ جملتين بعده على طرز الشرط والجزاء ، وإن لم يكونا شرطا وجزاء ؛ كقوله تعالى : (إذا جاء نصر الله والفتح) (٤) ، إلى قوله «فسبّح» ، كما أنه لما كثر وقوع الموصول متضمنا معنى الشرط ، فجاز دخول الفاء في خبره : جاز دخول الفاء في الخبر وإن لم يكن في الأول معنى الشرط ، كما في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) إلى قوله : (فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ)(٥) ، وقوله تعالى : «وَما
__________________
(١) خندف بكسر الخاء والدال قبيلة الفرزدق ، والبيت له ، والشاهد فيه من حيث إن قوله تقد ، فعل مضارع مجزوم والكسرة للروي ، وهكذا أورده سيبويه ١/ ٤٣٤ ويرويه بعضهم : إذا ما خبت نيرانهم .. والصواب ما هنا ؛
(٢) البيت بهذه الرواية من قصيدة جيدة لقيس بن الخطيم يذكر فيها يوم بعاث الذي كان قبل الإسلام ، أولها :
أتعرف رسما كاطراد المذاهب |
|
لعمرة وحشا غير موقف راكب |
ووقع مثل هذا في بيت مرفوع الروي لشاعرين آخرين ؛
(٣) متعلق بجاز استعماله ، وهو مفعول مطلق للمصدر السابق ؛
(٤) سورة النصر.
(٥) الآية ١٠ سورة البروج ، ولم يترك بين الجزأين إلا قوله ثم لم يتوبوا ؛