عباء ، وشقاء ، وذلك لأن مبنى التاء التي ليست للوحدة في الجوامد على اللزوم ، فحملوهما على نحو : طفاوة ، (١) وخزاية (٢) ، ونحوهما مما يلزمه التاء ؛
وأمّا في الصفات وفي المقصود به الوحدة فهي غير لازمة ، فلذا تقول : غزّاءة (٣) ، واستقاءة (٤) ؛
فلو ثبتت التاء فيها في الجمعين ، لشابهت تاء نحو الصّفّة والغرفة من الجوامد ، فأسقطوها مع جمع المؤنث ، لأنّ تأنيثه خفيّ ، فكأنه مذكّر ؛ بالنسبة إلى تأنيث جمع المذكر ؛ وإنما قلت ذلك ، لأن تأنيث جمع المؤنث المعتبر ، هو العارض بسبب الجمعية كتأنيث جمع المذكر ، لا الذي كان قبلها ، بدليل أنه لو كان الأصليّ معتبرا ، لم يجز في السعة : (وَقالَ نِسْوَةٌ)(٥) كما لا يجوز فيها ، قال امرأة ، فكما أزال التأنيث العارض ، التذكير الأصلي ، في رجال ، وأيام ، أزال التأنيث الأصلي أيضا في نسوة ، لكن هذا الطارئ ، ظاهر مشهور في رجال ، خفيّ في نسوة ، لأن الشيء لا ينفعل عن مثله ، انفعاله عن ضدّه ؛ فصار نسوة كأنه مذكر ، لخفاء تأنيثه ، فقيل : رجال ثلاثة ، ونسوة ثلاث ، فصارت التاء التي كانت في الأصل لتأنيث مجرّد العدد ، على ما قرّرنا ، لتأنيث (٦) المعدود ؛
هذا كله ، في الجمع المكسر ؛ وأمّا الجمع السالم فلا يقع مميزا للعدد عند سيبويه ، إن كان وصفا ، إلا نادرا ، فلا يقال : ثلاثة مسلمين ، ولا ثلاث مسلمات ، إذ المطلوب من التمييز تعيين الجنس ، والصفات قاصرة في هذه الفائدة ، إذ أكثرها للعموم ، فلذا لا نقول في الجمع المكسّر وصفا : ثلاثة ظرفاء ؛
__________________
(١) من معاني الطفاوة : الهالة التي تبدو حول الشمس أو القمر ، ومن معانيها : ما يطفو فوق القدر من الزبد عند الغليان ،
(٢) مصدر خزى بمعنى استحيا
(٣) صيغة مبالغة من الفزو ،
(٤) اسم مرة من : استقى الماء ، يستقيه ؛
(٥) أول الآية ٣٠ من سورة يوسف
(٦) متعلق بقوله صارت ..