وأمّا غير الوصف فإن كان علما ، قلّ وقوعه مميزا ، لأن جمع العلم لا بدّ فيه من اللّام ، والغرض الأهمّ من تمييز العدد : بيان الجنس ، لا التعيين ، فمميزه منكر في الأغلب وإن كان مجرورا ، فلذا ، قلّ : ثلاثة الزيدين ، وثلاث الزينبات ؛
وإن لم يكن علما ، فإن جاء فيه مكسّر ، لم يجز السالم في الأغلب ، فلا يقال : ثلاث كسرات ، بل تقول : ثلاث كسر ، لقلة تمييز العدد بالسالم في غير هذا الموضع ؛ وقد جاء قوله تعالى : (سَبْعَ سُنْبُلاتٍ)(١) مع وجود سنابل ؛ وإن لم يأت له مكسّر ، ميّز بالسالم ، كقوله تعالى : (ثَلاثُ عَوْراتٍ)(٢) ، فثبت أن الأغلب في تمييز الثلاثة إلى العشرة ، الجمع المكسر ، فبني أمر تأنيثها وتذكيرها عليه ، دون جمع السلامة ؛
فإذا تقرّر هذا (٣) ، قلنا : ينظر في تأنيث الثلاثة وأخواتها إلى واحد المعدود ، إن كان المعدود جمعا ، لا إلى لفظ المعدود ، فإن كان المعدود مؤنثا حقيقة ، كثلاث نسوة (٤) ، وطوالق ، أو مجازا ، كثلاث غرف وعيون ، حذفت التاء فيهما ، كما رأيت ، وإن كان الواحد منه مذكرا ، أثبتّ التاء فيها ، سواء كان في لفظ الجمع علامة التأنيث ، كأربعة حمّامات ، وثلاثة بنات عرس وبنات آوى ، والواحد : حمّام ، وابن عرس ، وابن آوى ؛ أو لم تكن فيه علامة التأنيث كثلاثة رجال ؛
وإن جاء تذكير الواحد وتأنيثه ، كساق ولسان ، جاز تذكير العدد وتأنيثه ، نحو : خمسة ألسنة ، وخمس ألسن ، وخمسة سوق وخمس سوق (٥) ؛
وإن كان المعدود صفة نائبة عن الموصوف ، اعتبر حال الموصوف لا حال الصفة ،
__________________
(١) من الآيتين : ٤٣ ، ٤٦ في سورة يوسف ،
(٢) من الآية ٥٨ في سورة النور
(٣) هو ما بيّنه من السبب في مخالفة العدد للمعدود تذكيرا وتأنيثا ،
(٤) التمثيل بنسوة هنا مبني على ما يراه بعض النحاة من أنه جمع تكسير من صيغ القلّة مثل فتية وحبية ، وغيرهم يراه اسم جمع ؛
(٥) جمع ساق ، والأغلب عليه التأنيث ،