وأمّا عشرون وأخواته ، فلأن النون ليست للجمع حقيقة حتى تحذف ، بل هي مشبهة بها ؛
فإن قيل : فقد يقال : أرضو زيد ، وكرو عمرو ، وهذه النون مثلها ، قلت : بل نون «عشرون» وأخواتها أبعد منها من نون الجمع ، لأن «أرضون» ، جمع أرض ، حقيقة ، وإن لم يكن قياسا ، بخلاف «عشرين» وأخواتها ، فإنها ليست جمع عشر ، وثلاث وأربع ، لما مرّ في أول الباب ؛
ولم تمكن الإضافة مع إثبات النون أيضا ، لمشابهتها لنون الجمع ؛ وربّما جاء : عشرو درهم ، وأربعو ثوب ، وهو قليل ؛
وأمّا إفراده ، فلأن جمعيته الأصلية التي كانت له حين كان موصوفا إنما حوفظ عليها حال الإضافة إليه لأن المضاف إليه غير فضلة بل من تمام الأول كالموصوف ، فما بقيت الجمعية له مضافا ، كما كانت له موصوفا ، فلما تعذرت الإضافة ، ونصب على التمييز ، وهو في صورة الفضلات ، لم يبق كالموصوف الذي هو عمدة حتى يجب مراعاة حاله ، والجمعية مفهومة من العدد المتقدم ، والمفرد أخصر ، فاقتصر عليه ،
ومع صيرورة المعدود في صورة الفضلات ، يراعى أصله حين كان موصوفا ، فلا يوصف ، في الأغلب ، إلا هو ، دون العدد ، لأنه هو المقصود من حيث المعنى والمعدود ، وإن كان مقدما ، كالوصف له ؛
تقول : عندي عشرون رجلا شجاعا ، كما يوصف هو إذا كان مضافا إليه ، قال الله تعالى : (إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ)(١) ، ويجوز وصف العدد أيضا لكن على قلة ؛
قوله : «وتثنيتهما ، وجمعه» أي تثنية المائة والألف ، وجمع الألف ، إذ المائة لا تجمع مضافا إليها ثلاث وأخواته ، كما مرّ ، وإن لم يضف إليها ثلاث وأخواته ، جمعت وأضيف ذلك الجمع إلى المفرد ، نحو : مئات رجل ؛
__________________
(١) من الآية ٤٣ في سورة يوسف ؛