قوله : «مخفوض مفرد» ، أمّا خفضه فعلى الأصل ، كما ذكرنا في نحو : ثلاثة رجال ، وأمّا إفراده ، فلما جرّأهم عليه إفراد المميز المنصوب الذي قبله ، مع أنه أخف من الجمع ، ولفظ العدد كاف في الدلالة على الجمع ؛ ومرتبة الآحاد جمع قلة وحكم جمع القلة عندهم حكم الإفراد في كثير من الأشياء ، كتصغيرهم له على لفظه ، وجمعهم له مرة بعد أخرى جمع التكسير ، وأمّا هذه المرتبة فمشهور كثرتها ، لا كمرتبة الآحاد ، فأغنت عن جمع تمييزها ؛
وقد يجمع مميز المائة ، نحو مائة رجال ؛ وقد يفرد منصوبا ، قال :
٥٣٠ ـ إذا عاش الفتى مائتين عاما |
|
فقد ذهب اللذاذة والفتاء (١) |
قال المصنف ، ونعم ما قال ، فيمن قرأ قوله تعالى : (ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ)(٢) بالتنوين ، وهي من عير حمزة ، والكسائي ، : أنه على البدل ، لا على التمييز ، وإلا لزم الشذوذ من وجهين : جمع مميز المائة ونصبه ؛ فكأنه قال : ولبثوا سنين ، قال : وكذا قوله تعالى : (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً)(٣) ، وإلا لزم الشذوذ بجمع المميز ؛
قال الزجاج : لو انتصب سنين ، على التمييز ، لوجب أن يكونوا ، لبثوا تسعمائة سنة ، ووجهه : أنه فهم أن مميز المائة ، واحد من مائة ، كقولك : مائة رجل ، فرجل : واحد من المائة ، فلو كان «سنين» تمييزا ، لكان واحدا من ثلثمائة ، وأقل السنين : ثلاثة ، فكأنه قال : ثلاثمائة ثلاث سنين ، فتكون تسعمائة ،
__________________
(١) من أبيات للربيع بن ضبع الفزاري قالها بعد أن كبر ، وكان من المعمرين يقول في أوله :
ألا أبلغ بنيّ بني ربيع |
|
فأشرار البنين لكم فداء |
بأني قد كبرت ورق عظمي |
|
فلا تشغلكم عني النساء |
ومنها البيت الذي يستشهد به على مجيىء كان تامة : وهو :
إذا كان الشتاء فأدفئوني |
|
فإن الشيخ يهدمه الشتاء |
(٢) من الآية ٢٥ سورة الكهف ،
(٣) من الآية ١٦٠ سورة الاعراف ،