والتأويل : أنه سقط عن المجموع الأول بانضمام ذلك الواحد : اسم الاثنين ، وصار يطلق على المجموع الثاني اسم لثلاثة ، فكأنه صار المجموع الأول هو المجموع الثاني ؛
فعلى هذا ، جاز بناء اسم الفاعل من الاثنين إلى العشرة ، اذ لكل منها فعل ، ومصدر ، نحو : ثنيت الأحد ثنيا ، وثلثت الاثنين ثلثا ، وكذا ربعت الثلاثة ، الى : عشرت التسعة ؛ والمضارع من جميعها بكسر العين الا ما لامه حرف حلق ، كأربع وأسبع وأتسع ؛ وقد يكسر هذا أيضا على الأصل ؛
وقد جاءت هذه الأفعال بهذه المصادر بشرط ضم العين في المضارع إلّا ما لامه حرف حلق ، بمعنى آخر ، وهو قولهم : ثلثت الرجل أي أخذت ثلث ماله ، وكذا ربعته وخمسته الى عشرته ، وليس هذا المعنى مما نحن فيه ، ولا يجيء بهذا المعنى : ثنيت الرجل ، إذ لا معنى له ؛
ولا يتجاوز بهذين المعنيين : العشرة ؛ وأجاز سيبويه (١) أن يتجاوز العشرة ما هو بمعنى التصيير ، خلافا للأخفش ، والمازني ، والمبرد ؛
قال أبو عبيدة : (٢) تقول : كانوا تسعة وعشرين فثلثتهم ، أي جعلتهم ثلاثين ، وكانوا تسعة وثلاثين فربعتهم ، اي جعلتهم أربعين ، وهكذا الى المائة ؛ قال السيرافي : ان كثيرا من النحويين يمنعون من الاشتقاق بمعنى التصيير فيما جاوز العشرة ، وهذا هو القياس ، قال : ومنهم من يجيزه ، ويشتقه من لفظ النيّف ، فيقول : هذا ثاني أحد عشر ، وثالث اثني عشر ، وينونه ؛ قال المبرد : هذا لا يجوز ، لأن هذا الباب يجري مجرى الفاعل المأخوذ من الفعل ، ونحن لا نقول : ربعت ثلاثة عشر ، ولا أعلم أحدا حكاه ؛
واعلم أنه انما لم يجز الاشتقاق ، فوق العشرة ، بمعنى المصيّر ، وجاز بمعنى أحد ، نحو ثالث ثلاثة عشر ، لأنّ ما هو بمعنى الأحد ، في صورة اسم الفاعل ، وليس به
__________________
(١) انظر سيبويه ٢ / ١٧٣ ،
(٢) المراد معمر بن المثنى ، أما أبو عبيد بدون تاء فهو القاسم بن سلّام تلميذ أبي عبيدة هذا ، وكلاهما تقدم ذكره ،