المعنى كالفعل الذي مبناه على الحدوث في أحد الأزمنة ، فلم يؤنثوه تأنيث الفعل لعدم مشابهته له معنى وان شابهه لفظا ؛
وهذا ينتقض عليهم بالصفات المشبهة ، فانها للاطلاق ، لا الحدوث ، ولا تشابه الفعل لفظا أيضا ، فكانت أجدر بالتجريد عن التاء ، ولا تجرّد ؛ وأيضا ، فان الاسم المنسوب بالياء الذي مثّل «حائض ، وطالق» به ، محمول عندهم عليه ؛ يؤنث مع أنه للاطلاق دون الحدوث ؛ وليس له فعل إلا من حيث المعنى والتأويل ، فان معنى بصري : منسوب الى البصرة ؛
ومن أين لهم أن المنسوب الذي على وزن فاعل ، وليس باسم فاعل كلابن وتامر ، ونبّال وقوّاس : إذا قصد به المؤنث لا يدخله التاء؟ بل يقال : امرأة ناشبة ونبّالة ؛ وكيف صار حكم نابل الذي هو من جملة الأسماء المنسوبة بخلاف حكم ما فيه ياء النسب ظاهرة ، في الامتناع من تاء التأنيث؟
وقوله تعالى : (عيشة راضية) (١) ، بمعنى النسب عند الخليل مع دخول التاء ؛ وجعلها للمبالغة كما في علّامة : خلاف الظاهر ،
وأيضا ، هب أن نحو حائض وطامث ، من ابنية النسب ، كما أن نحو نابل وناشب منها ، اتفاقا ، لأن معناهما : نبليّ ونشّابيّ ولا فعل لهما ، حتى يقال : انهما اسما فاعل منه ؛ كيف يجوز أن يقال : نحو منفطر ومرضع في قوله تعالى : (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ)(٢) ، وقولك : فلانة مرضع : من باب النسب ولم يثبت كون مفعل ومنفعل من أبنية النسب المتفق عليها حتى نحملهما عليهما ، كما حملنا حائضا على نحو نابل؟
والأقرب في مثله أن يقال :
ان الأغلب في الفرق بين المذكر والمؤنث بالتاء هو الفعل بالاستقراء ، ثم حمل اسما الفاعل والمفعول عليه ، لمشابهتهما له لفظا ومعنى ، كما يجيء في بابيهما ، فألحقا التاء
__________________
(١) الآية ٧ سورة القارعة ،
(٢) الآية ١٨ سورة المزمل ؛