وبالصفة المشبهة وبالمصدر ؛ فإن جاء ما يوهم الحمل على المحل ، أضمروا له ناصبا ، أو رافعا ، إمّا فعلا ، أو منونا من جنس ذلك المضاف ؛
ويجوز مثل هذا الإضمار لقوة القرينة الدالة ؛ وهذا الذي ذكره سيبويه : هو الحق ، لأنه إنما يترك الظاهر إلى المقدر ، إذا كان المقدر أقوى من الظاهر ، من حيث كونه إعرابا والظاهر حركة بناء ، كما في : يا زيد الظريف ، أو إذا تعذر الحمل على الظاهر ، كما مرّ ؛ فقوله :
حتى تهجّر في الرواح وهاجه |
|
طلب المعقب حقّه المظلوم (١) ـ ١١٨ |
إنما ارتفع «المظلوم» فيه لكونه فاعل «حقّه» ، أي غلبه المظلوم بالحق ؛
ويعمل اسم المصدر عمل المصدر ، وهو شيئان : أحدهما : ما دلّ على معنى المصدر مزيدا في أوله ميم، كالمقتل والمستخرج، والثاني : اسم العين مستعملا بمعنى المصدر ، كقوله :
٥٨٥ ـ أكفرا بعد ردّ الموت عني |
|
وبعد عطائك المائة الرّتاعا (٢) |
أي إعطائك ؛ والعطاء في الأصل : اسم لما يعطى ؛
ويستعمل المصدر بمعنى اسم الفاعل ، نحو : ماء غور ، أي غائر ، وبمعنى اسم المفعول ، كقوله :
دار لسعدى اذه من هواكا (٣) ـ ٨٢
فيستوي فيه المذكر والمؤنث والمثنى والمجموع ، اعتبارا للأصل ، ويجوز تثنيته وجمعه أيضا ؛ ويجوز أن يكونا محذوفي المضاف ، أي ماء ذو غور ، ومن ذوات هواك ؛ وفي التقدير الأول مبالغة ، كأن ذا لحدث (٤) تجسّم من الحدث ، لكمال اتصافه به ؛
__________________
(١) من شعر لبيد وتقدم في الجزء الأول ،
(٢) من قصيدة للقطامي في مدح زفر بن الحارث الكلابي الذي حماه من القتل في معركة بين قيس وتغلب فأراد قوم من بني قيس قتله بعد أن أسره زفر ، فحال زفر بينهم وبينه ومنّ عليه وأعطاه مائة من الإبل ؛ ولذلك يقول القطامي في هذه القصيدة :
فلو بيدي سواك غداة زلّت |
|
بي القدمان لم أرج اطّلاعا |
لم أرج اطلاعا ، أي نجاة ، والرتاع صفة للمائة المراد بها النوق والرتاع جمع راتعة ،
(٣) تقدم ذكره في الجزء الأول ؛
(٤) أي صاحب الحدث