لنفي الحدث الذي هو التكلم ، ونبس ، موضوع له ، بل هو لنفي الفضل في التكلم ؛ وقولنا : متصرّف ، احتراز عن نحو : نعم ، وبئس ، وليس ؛ إذ لا يقال : أنعم وأبأس ، وأليس ؛
وقولنا : قابل معناه للكثرة ، احتراز عن نحو : غربت الشمس وطلعت ، فإنه لا يقال : الشمس اليوم أغرب منها أمس ، ولا أطلع ؛ ويصح أن يحترز به عن بعض العيوب الظاهرة كالعور والعمى ؛ وقوله : ثلاثي ، احترازا عن الرباعي نحو : دحرج ، قوله «مجرّد» ، احتراز عن ثلاثي ذي زائد ، نحو : أخرج ، وعلّم ، وانقطع ، واستخرج ، ونحوها ؛
قوله : «ليمكن ...» ، أي لو لم يكن ثلاثيا بل كان رباعيا نحو دحرج ، أو لم يكن مجرّدا ، بل كان ذا زائد كاستخرج وأخرج ، لم يمكن بناء أفعل ، منه ،
أمّا إن أردت بناءه من غير حذف شيء منه فواضح الاستحالة ، لأن أفعل ، ثلاثي مريد فيه الهمزة للتفضيل ؛ وأمّا إن أردت البناء مع حذف حرف ، أو حرفين ، فإنه يلتبس المعنى ، إذ لو قلت في دحرج : أدحر ، لم يعلم أنه من تركيب دحرج ، وكذا لو قلت : في أخرج : أخرج بحذف الهمزة ، لالتبس بأخرج من الخروج ، وكذا في غيره من المتشعّبة (١) ، وهذا كله بناء على أنه لا صيغة للتفضيل إلا أفعل ، وإنما اقتصروا عليه ، اختصارا ؛
قوله : «ليس بلون ولا عيب» ، صفة أيضا لقوله ثلاثي ؛ وقوله : «لأن منهما أفعل لغيره» (٢) ، يعني : إنما لم يبن من باب الألوان والعيوب ، لأنه جاء منهما «أفعل» من غير اعتبار الزيادة على غيره ، فلو بني منهما أفعل التفضيل ، لالتبس أحدهما بالآخر ، لو قلت : زيد الأسود ، على أنه للتفضيل ، لم يعلم أنه بمعنى ذو سواد أو بمعنى الزائد في السواد ؛ وهذا التعليل إنما يتم إذا بيّن أن أفعل الصفة مقدم بناؤه على أفعل التفضيل ، وهو كذلك ، لأن ما يدل على مطلق ثبوت الصفة مقدم بالطبع على ما يدل على زيادة على الآخر في الصفة ؛ والأولى موافقة الوضع لما هو بالطبع ؛
__________________
(١) أي الصيغ المتفرعة من الثلاثي بزيادة حرف أو أكثر ؛
(٢) أي لغير التفضيل