وينبغي أن يقال (١) من الألوان والعيوب الظاهرة ، فإن الباطنة يبنى منها أفعل التفضيل ، نحو : فلان أبلد من فلان وأجهل منه وأحمق وأرعن وأهوج وأخرق ، وألدّ وأشكس ، وأعيا وأعجم وأنوك ؛ مع أن بعضها يجيئ منه أفعل لغير التفضيل أيضا ، كأحمق وحمقاء ، وأرعن ورعناء وأهوج وهوجاء ، وأخرق وخرقاء وأعجم وعجماء ، وأنوك ونوكاء ، فلا يطرد أيضا تعليله بأن منهما أفعل لغيره ؛ فالأولى أن يقال : لا يبنى أفعل التفضيل من الألوان ، والعيوب الظاهرة دون الباطنة لأن غالب الألوان أن تأتي أفعالها على : افعلّ وافعالّ ، كأبيضّ ، واسودّ ، واحمارّ واصفارّ ، فحمل كل ما جاء من الثلاثيّ عليهما ، وأما العيوب المحسوسة ، فليس الغالب فيها المزيد فيه ، لكن بعضها : المزيد فيه أكثر استعمالا فيه من غيره ، كاحولّ واعورّ ، فإنهما أكثر استعمالا من حول وعور ، ولذلك لم يقلب واوهما (٢) حملا على احولّ واعورّ ؛ وما لم يجئ منه افعلّ ولا افعالّ ، كالبخر والفقم ، والعرج والعمى ، لم يبن منها لكون بعضها مما لا يقبل الزيادة والنقصان كالعمى ، والبواقي محمولة على القسمين المذكورين في الامتناع ؛
وأجاز الكوفيّون بناء أفعل التفضيل من لفظي السواد والبياض ؛ قالوا لأنهما أصلا الألوان ، قال :
٥٩٨ ـ أبيض من أخت بني إباض (٣)
وقال :
٥٩٩ ـ ابعد بعدت بياضا لا سواد له |
|
لأنت أسود في عيني من الظلم (٤) |
__________________
(١) يريد التمهيد للاعتراض على تعليل المصنف
(٢) أي واو الفعلين حول وعور وما ماثلهما
(٣) من رجز لرؤبة ، وقبله : جارية في درعها الفضفاض ، تقطع الحديث بالايماض
ومن الممكن تأويله بغير ما قال من أنه شاذ ، وكذلك بيت المتنبي الآتي ،
(٤) من قصيدة للمتنبي أولها قوله يقصد الشيب :
ضيف ألمّ برأسي غير محتشم |
|
ـ وتقدم منها الشاهد |
قبلتها ودموعي مزج أدمعها |
|
وقبلتني على خوف فما لفم |
وقدمنا أن الرضى يورد كثيرا من أشعار المحدثين كالمتنبي وأبي تمام وأن بعض العلماء يرى جواز ذلك ، ومن الممكن أن يقال ان الرضى يوردها للتمثيل إذا ثبت الدليل من شاهد آخر ؛