وهما عند البصريين شاذان ؛ (١)
قوله : «فإن قصد غيره» ، يعني قصد التفضيل من معاني الأشياء التي تعذّر بناء أفعل التفضيل من ألفاظها ؛ وهي ذو الزيادة والرباعي والألوان والعيوب الظاهرة ، بنى أفعل من فعل يصح بناء أفعل ، منه ، في حسن ، أو كثرة ، أو غير ذلك على حسب غرضك الذي تقصده ثم يؤتى بمصادر تلك الأفعال التي امتنع بناء أفعل منها ، فتنصب على التمييز ، لتحقق معنى التمييز عن النسبة فيها ، نحو : أقبح عورا ، وأشدّ بياضا ، وأسرع انطلاقا ، وأكثر دحرجة ، ونحو ذلك ؛
وهو عند سيبويه : قياس من باب أفعل مع كونه ذا زيادة ، ويؤيده كثرة السماع ، كقولهم : هو أعطاهم للدينار ، وأولاهم للمعروف ، وأنت أكرم لي من فلان ، وهو كثير ؛ ومجوّزه قلة التغيير ، لأنك تحذف منه ، وتردّه إلى الثلاثي ثم تبني منه أفعل التفضيل ، فتخلف همزة التفضيل همزة الإفعال (٢) وهو عند غيره سماعيّ مع كثرته ؛
ونقل عن المبرد والأخفش ، جواز بناء أفعل التفضيل من جميع الثلاثي المزيد فيه ، كانفعل واستفعل ونحوهما ، قياسا ؛ وليس بوجه ، لعدم السماع وضعف التوجيه فيه بخلاف أفعل ؛
قوله : «وقياسه للفاعل» يعني قياسه أن يكون لتفضيل الفاعل على غيره في الفعل ، كأضرب ، أي ضارب أكثر ضربا من سائر الضاربين ، ولا يقال : أضرب ، بمعنى مضروب أكثر مضروبيّة من سائر المضروبين ؛
وإنما كان القياس في الفاعل دون المفعول ، لأنهم لو جعلوه مشتركا بين الفاعل والمفعول ، لكثر الاشتباه لاطراده ، وأمّا سائر الألفاظ المشتركة فاغتفر فيها الاشتباه لقلّتها ، لكونها سماعيّة ، فأرادوا جعله في أحدهما أظهر دون الآخر ، فجعلوه في الفاعل قياسا لكونه أكثر من المفعول ، إذ لا مفعول إلا وله فاعل في الأغلب ، ولا ينعكس ، وإنما قلنا في الأغلب ،
__________________
(١) تقدم أنه من الممكن تأويلهما بمثل ما سيقوله الشارح في قوله : ولست بالاكثر منهم حصى ، ونحوه ،
(٢) وهي الموجودة في أول الفعل الذي على وزن أفعل ؛