قيل : ومنه قوله تعالى : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ)(١) ، إذ ليس شيء عليه تعالى أهون من شيء ؛ وما كان بهذا المعنى فلزومه صيغة أفعل ، أكثر من المطابقة إجراء له مجرى الأغلب الذي هو الأصل ، أي أفعل التفضيل مع «من» ؛
أمّا «أوّل» ، فمذهب البصريين أنه «أفعل» ثم اختلفوا على ثلاثة أقوال : جمهورهم على أنه من تركيب «وول» كددن ، ولم يستعمل هذا التركيب إلا في «أول» ومتصرّفاته ، وقال بعضهم : أصله : أوأل ، من : وأل ، أي نجا ، لأن النجاة في السبق ؛ وقيل : أصله أأول من : آل ، أي رجع ، لأن كل شيء يرجع إلى أوّله ، فهو أفعل بمعنى المفعول ، كأشهر ، وأحمد ، فقلبت في الوجهين : الهمزة واوا قلبا شاذا ؛
وقال الكوفيون : هو فوعل من : وأل ، فقلبت الهمزة إلى موضع الفاء ، وقال بعضهم : فوعل ، من تركيب : وول ، فقلبت الواو الأولى همزة ، وتصريفه كتصريف أفعل التفضيل ،
واستعماله بمن مبطل لكونه فوعلا ؛
وأمّا قولهم : أوّلة ، وأوّلتان فمن كلام العوامّ وليس بصحيح ؛
وإنما لزم قلب واو «أولى» همزة على مذهب جمهور البصريين ، كما لزم في نحو أواصل (٢) ، على ما يجيئ في التصريف ؛
وعند من قال هو من : وأل ، أصل ، أولى : وؤلى ، قلبت الواو همزة كما في : أجوه ، ثم قلبت الهمزة الثانية الساكنة واوا ، كما في : أومن ، ولهذا رجع إلى أصل الهمزة في قراءة قالون (٣) : «عادا لؤلى (٤)» لأنه حذفت الأولى وحركت لام التعريف بحركتها ، فزال اجتماع الهمزتين ،
__________________
(١) من الآية ٢٧ من سورة الروم
(٢) يعني لأجل تصدر الواوين ووثانيتهما مد أصلي ،
(٣) أحد الراويين عن نافع أحد القراء السبعة
(٤) الآية ٥٠ سورة النجم