وإذا جاء «ذا» بعد «ما» الاستفهامية ، لم تحذف ألفها ، نحو : بماذا تشتغل ، وذلك لأن «ذا» لمّا لم تثبت زيادته ، ولا كونه موصولا ، إلا مع «ما» ، صار «ما» مع «ذا» ككلمة واحدة ، فصار الألف كأنه في وسط الكلمة ، والحذف قليل في الوسط ، لتحصنه من الحوادث ، ولذا لم يحذف الألف من «ما» الشرطية المجرورة ، وإن شاركت الاستفهامية في التصدر في نحو : ما تصنع أصنع ؛ (١)
والنكرة الموصوفة ، إمّا بمفرد ، نحو : مررت بما معجب لك ، وإمّا بجملة ، كقوله :
٤٢٥ ـ ربّما تكره النفوس من الأم |
|
ر له فرجة كحلّ العقال (٢) |
وجاز أن تكون «ما» ههنا ، كافة ، كما في قوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) (٣) ، قال المصنف : إلّا أن النحاة اختاروا كونها (٤) موصوفة لئلّا يلزم حذف الموصوف وإقامة الجار والمجرور ، وهو «من الأمر» مقامه ، وذلك قليل إلا بالشرط المذكور في باب الصفة (٥)
هذا قوله ، ولا يمتنع أن تكون «من» متعلقة ب «تكره» ، وهي للتبعيض كما في : أخذت من الدراهم ، أي : من الدراهم شيئا ، فكذا هنا ، معناه : تكره من الأمر شيئا ، وقوله : له فرجة ، صفة للأمر ، لأن اللام غير مقصود قصده ، ويجوز ، أيضا ، تضمين «تكره» معنى : تشمئز وتنقبض (٦) ؛
__________________
(١) هكذا ورد المثال في النسخة المطبوعة ، وهو لا يطابق موضوع الحديث أي حالة الجر بالحرف إلا إذا كان القصد مجرد التمثيل للتصدر بصرف النظر عن كونه مجرورا أو غيره ، والمثال المطابق : بما تنطق أنطق ، مثلا ،
(٢) من قصيدة لأميّة بن أبي الصّلت من شعراء الجاهلية المتقدمين ، ذكر فيها قصة سيدنا إبراهيم الخليل وما حدث من رؤياه أنه يذبح ولده إسماعيل ، .. ويقول أمية في فداء إسماعيل :
بينما يخلع السرابيل عنه |
|
فكّه ربّه بكبش جلال |
وجلال بضم اللام أي عظيم.
ونسبه بعضهم لأمية ، أيضا ، في أبيات أخرى يقول فيها :
لا تضيقنّ بالأمور فقد تك |
|
شف غماؤها بغير احتيال |
(٣) الآية ٣ سورة الحجر.
(٤) أي كلمة ما في البيت المستشهد به ،
(٥) وهو أن يكون الموصوف بعض اسم متقدم مجرور بمن أو في ،
(٦) فتكون «من» متعلقة بتكره ؛