سبحان ما سخركن لنا ، وسبحان ما سبّح الرعد بحمده ، وقال تعالى : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) (١)، وتستعمل، أيضا، في الغالب ، في صفات العالم ، نحو : زيد ما هو؟ وما هذا الرجل؟ فهو سؤال عن صفته ، والجواب : عالم ، أو غير ذلك ، وتستعمل ، أيضا ، استفهاما كانت أو غيره ، في المجهول ماهيته وحقيقته ، ولهذا يقال لحقيقة الشيء : ماهيّته ، وهي منسوبة إلى «ما» والماهية مقلوبة الهمزة هاء ، والأصل : المائية ، أو نقول : إنه منسوب إلى : ما هو ، على تقدير جعل الكلمتين ككلمة ، كقولهم : كنتيّ ،
تقول : ما هذا؟ أفرس أم بقر أم إنسان ، فإذا عرفت أنه إنسان مثلا ، وشككت أنه زيد أو عمرو ، لم تقل : ما هو ، وقلت : من هو؟ ؛
وقول فرعون : (وما ربُّ العالمين) (٢) ، يجوز أن يكون سؤالا عن الوصف ، ولهذا قال موسى عليه السّلام : (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(٣) ، ويجوز أن يكون سؤالا عن الماهية ويكون موسى عليه السّلام أجابه ببيان الأوصاف دون بيان الماهية ، تنبيها لفرعون إلى أنه تعالى لا يعرف إلا بالصفات وماهيته غير معلومة للبشر ؛
وقولهم : سبحان ما سخركنّ لنا ، وسبحان ما سبّح الرعد بحمده ، يجوز أن يكون لكونه تعالى مجهول الماهية ؛
و «من» و «ما» في اللفظ مفردان صالحان للمثنى والمجموع والمؤنث ، فإن عني بهما أحد هذه الأشياء ، فمراعاة اللفظ فيما يعبّر به عنهما من الضمير والإشارة ونحوهما ، أكثر وأغلب ؛ وإنما كان كذلك لأن اللفظ أقرب إلى تلك العبارة المحمولة عليهما من المعنى ، إذ هو (٤) وصلة إلى المعنى ، وكذا في غير «من» و «ما» ؛
تقول : ذلك الشخص لقيته وإن كان مؤنثا ؛ قال تعالى : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ)(٥) ،
__________________
(١) الآية ٣ سورة النساء ،
(٢) من الآية ٢٣ سورة الشعراء ،
(٣) الآية ٢٤ سورة الشعراء أيضا ؛
(٤) إذ هو ، أي اللفظ ،
(٥) من الآية الأولى في سورة النساء ، ومثلها في الآية ١٨٩ من سورة الأعراف ،