وقد جاء ، في الشعر ، موصول معطوف على آخر قبل الصلة ، وما بعدهما : إمّا صلة لهما معا ، أو صلة للأخير وصلة الأول محذوفة مدلول عليها بالظاهرة كما يجيئ بعد ، من جواز حذف الصلة عند قيام الدليل ، وذلك نحو قوله :
٤٣٥ ـ من اللواتي والتي واللاتي |
|
زعمن أن قد كبرت لداتي (١) |
وقد يفصل بين الموصول والصلة بمعمول الصلة ، نحو : الذي إيّاه ضربت ، لأن الفصل ليس بأجنبيّ منهما ، ولا يجوز مثله إذا كان الموصول حرفا ، فلا يقال : أعجبني أن زيدا ضربت ، لأن الحروف الموصولة حروف مصدرية ، هي والجملة بعدها بتأويل المصدر ، فيطلب قربها من متضمّن المصدر ، وكذا في الألف واللام الموصولة ، إذ لا تدخل إلا على فعل في صورة اسم الفاعل أو المفعول كما مرّ ، فيكون هو وما دخل عليه ، كاللام الحرفية مع ما دخلت عليه ، لا يفصل بينهما ؛
وكذا يجوز الفصل بين بعض الصلة وبعض بالعطف على الجملة التي هي صلة ، كما تقول في باب التنازع معملا للأول : الذي ضربت وضربوني غلمانه : زيد ، إذ ليس الفصل بأجنبي من الصلة ؛
وكذا يتقدم بعض الصلة على بعض ، كما تقول : جاءني الذي قائم أبوه ، والذي ضرب زيدا أخوه ، والذي زيدا ضرب أبوه ، إذ لا مانع منه ؛
فإن قيل : أليس كما أن الموصول والصلة كجزأي اسم : بعض الصلة والبعض الآخر كالجزأين ، فكان ينبغي ألّا يتقدم بعضها على بعض ، كما لا تتقدم الصلة على الموصول ، قلت : بلى ، هما أيضا كالجزأين ، إلا أنهما كجزأين لا يجب ترتيب أحدهما على الآخر ، بل كجزأين يجوز تعقب كل منهما للآخر ، بخلاف الصلة والموصول فإن تعقب الجزء الذي هو الصلة واجب لكونها مبيّنة للموصول كما مرّ ،
__________________
(١) هذا البيت مجهول القائل ، ووجه الاستشهاد به واضح ؛