سيبويه (١) : هذا بعيد ، وقال يونس ، أيضا ، هذا لا يقبله كل أحد ، وذلك لتقدم الفعل على كلمة الاستفهام ،
وأمّا إعرابها ، فقيل : حكاية ، كأنه سمع رجلا يقول : ضرب رجل رجلا ، وإلا ، فكيف يعربها مع قيام علة البناء؟ والظاهر أنه ليس بحكاية ، وأنه يجوز في بعض اللغات إعرابها ، لا على وجه الحكاية ، ألا ترى إلى قوله : منون أنتم ، وليس بمحكى ، كما زعم يونس ، إذ لا منكر مذكور قبله ، والعلامات المذكورة لا تلحق «من» إلا في آخر الكلام لأنها في حالة الوقف ؛
فإذا قيل : رأيت رجلا وامرأة ، قلت : من ومنة ، وإذا قيل رأيت امرأة ورجلا ، قلت : من ومنا ، وفي جاءني رجل وامرأتان : من ومنتان ، وعليه فقس ؛
وإذا اجتمع من يعقل ومن لا يعقل ، جعلت السؤال عن العاقل بمن وعن غير العاقل بأيّ ، نحو : من وأيّين ، فيمن قال : رأيت رجلا وحمارين وعليه فقس ،
وأمّا المعارف بعد «من» فنقول :
هي إمّا أعلام ، وإمّا غيرها ، فغير الأعلام فيها ثلاثة أوجه :
أشهرها ، أنه لا حكاية فيها ، ولا في من ، بعد حذفها ؛
وحكى المبرد عن يونس ، ولم يحكه عن سيبويه ، أنها تذكر بعد «من» محكية كالأعلام ، إذا قال القائل : رأيت أخا زيد قلت : من أخا زيد ، وأجاز ذلك سيبويه ، لا على وجه الاختيار ، كما قيل : دعني من تمرتان وليس بقرشيّا (٢) ؛ كما يجيئ ؛
وثالثها : أن تحذف وتثبت علامات الحكاية في «من» كما في النكرات ، وذلك
__________________
(١) نقل ذلك سيبويه عن يونس في الكتاب ١ / ٤٠٢ ، ثم قال : وهذا بعيد ؛
(٢) سمع بعض العرب شخصا يتحدث عن آخر قائلا : ما عنده تمرتان ، فقال السامع : دعنا من تمرتان ، وتحدث رجل مع آخر عن شخص ثالث ، فقال السامع : أليس قرشيا ، فقال المتحدث : ليس بقرشيا ، انظر سيبويه ١ / ٤٠٣ ؛