والمانع نظر إلى زوال العلمية بالتثنية والجمع ، كما يجيئ في باب العلم ؛
ثم نقول : إذا حكى ما بعد «من» ، فمن مرفوع الموضع بالابتداء ، فإن كان ما بعده مرفوعا ، فهو على الحكاية ، لا على أنه خبره ، بل الرفع الذي يكون لأجل الخبرية مقدّر فيه ، وإن كان مجرورا أو منصوبا ، فهو مرفوع الموضوع على الخبرية ، فالكل معرب مرفوع الموضع ، تعذّر إعرابه (١) لاشتغال محل الإعراب بحركة مجلوبة للحكاية ، كما ذكرنا في أول الكتاب ؛
وقيل ان ما بعد «من» في الأحوال (٢) ، معمول لعامل محذوف ، كما مرّ في «أيّ» ، وهو ضعيف ، لما مرّ هناك ؛ (٣)
وقد جاء حذف العلم بعد «من» ، وإثبات علامة الحكاية فيها ؛ قيل : خلف دار عبد الله ، فقال السامع : دار مني ؛
وأمّا بنو تميم ، فإنهم سلكوا بالعلم في الاستفهام عنه بمن ، مسلك غيره من الأسماء ، فأتوا به مرفوعا على كل حال بالابتداء جريا على القياس ؛
وأمّا إذا سألت بأيّ عن المعارف ، فلا خلاف بينهم في أن ما بعدها لا يحكى ، فإذا قيل : رأيت زيدا ، ومررت بزيد ، قلت : أيّ زيد ، بالرفع لا غير لأن الإعراب يظهر في «أيّ» فكرهوا أن يخالفه الثاني ، بخلاف : من زيدا ، ومن زيد ؛
هذا ، وربّما حكى بعض العرب الاسم ، علما كان أو غيره ، دون سؤال ، أيضا ، كما قال بعضهم : دعنا من تمرتان ، على حكاية قول من قال : ما عندنا تمرتان ؛ قال سيبويه : سمعت اعرابيا يقول لرجل سأله ، فقال : أليس قرشيا ، فقال : ليس بقرشيا (٤) ،
__________________
(١) أي تعذّر ظهور الحركات الاعرابية فيه ، كما تعذر في المضاف إلى ياء المتكلم ،
(٢) يعني أحوال الاعراب ،
(٣) لأن إضمار الحرف في حالة الجر ضعيف ،
(٤) أشرنا إلى ذلك بتحديد موضعه من كتاب سيبويه ، قريبا ؛