ويسقط به اعتراض من اعترض بأن تعريف الموصول إذا كان بصلته ، وهي جملة ، فهلّا تعرفت النكرة الموصولة بها في نحو : جاءني رجل ضربته ، لأن المعرّف حاصل (١) ، فكان ينبغي ألّا يكون في قولك : لقيت من ضربته ، فرق بين كون «من» موصولة ، وموصوفة ؛
وذلك (٢) لأنا نقول ، كما سبق ، إن تعريف الموصول بوضعه معرفة مشارا به إلى المعهود بين المتكلم والمخاطب بمضمون صلته ، فمعنى قولك لقيت من ضربته ، إذا كانت «من» موصولة : لقيت الإنسان المعهود بكونه مضروبا لك ، فهي موضوعة على أن تكون معرفة بصلتها ، وأمّا إذا جعلتها موصوفة ، فكأنك قلت : لقيت إنسانا مضروبا لك ، فإنه وإن حصل لقولك : إنسانا ، تخصيص بمضروبيّة المخاطب ، لكنه ليس تخصيصا وضعيا ، لأن «إنسانا» موضوع لإنسان لا تخصيص فيه ، بخلاف : الذي ، ومن ، الموصولة ، فان وضعهما على أن يتخصّصا بمضمون صلتهما ؛
والفرق بين المعرفة والنكرة المخصّصة ، أن تخصيص المعرفة وضعيّ ، وهو المراد بالتعريف عندهم ، وليس المراد به مطلق التخصيص ؛ ألا ترى أنك قد تخصص النكرة بوصف لا يشاركها فيه شيء آخر ، مع أنها لا تسمّى بذلك معرفة ، لكونه (٣) غير وضعي ، كما تقول : رأيت رجلا سلّم عليك اليوم وحده قبل كل أحد ؛ وكذا قولك : إني أعبد إلها خلق السموات والأرض ، ونحو ذلك ؛
فإن قيل : إن الجمل نكرات ، فكيف تعرّف الموصولات وتخصصها؟ قلت : لا نسلم تنكير الجمل ، كما تقدم في باب الوصف (٤) ولو سلمنا أيضا فالمخصص في الحقيقة تقييد الموصول بالصلة ، كما أن «رجل» ، و «طويل» ، لا تخصيص في كل واحد منهما على
__________________
(١) أي موجود في وصف النكرة بالجملة.
(٢) بيان لوجه سقوط الاعتراض الذي أشار إليه ؛
(٣) لكونه ، أي هذا التخصيص ،
(٤) تقدم في الجزء الثاني ،