فإن تقدم ما هو جواب معنى ، على الظروف الزمانية ، أو المكانية من كلمات الشرط ، كمتى ، وإذ ما ، وأيان ، وأين ، وحيثما ، وأنّى ؛ فلا شبهة في تضمنها للشرط ، إذ لا تصلح للاستفهام ، ولا واسطة بين الشرط والاستفهام ، في هذه الكلمات الصالحة لهما ؛
وأمّا ما يصلح من كلمات الشرط لكونها موصولة ، أيضا ، نحو : من ، وما ، وأيّ : فإن جاء بعدها ماض ، احتمل عند سيبويه (١) كونها موصولة ، وشرطية ، نحو : آتي من أتاني ، فإن كانت موصولة ، فمنصوبة بالفعل المتقدم ، وإن كانت شرطية فمبتدأ ، والخبر مختلف فيه ، كما ذكرنا في باب المبتدأ ، والتقدير : من أتاني آته ، ولا محل للفعل بعد هذه الكلمات ، إن قدّرناها موصولة ، وهو في محل الجزم إن كانت شرطية ؛
وابن السّراج (٢) قطع بكونها موصولة ، عملا بالظاهر ، لأن جعلها شرطية يحتاج إلى حذف الجزاء عند البصرية ، وجعل المتقدم كالعوض منه ،
وإن جاء بعدها مضارع نحو : آتي من يأتيني ، فالوجه كونها موصولة ، ويجوز جعلها شرطية على قبح فينجزم المضارع ، وذلك لما تقدم من أن الشرط يكون ماضيا في الاختيار ، إذا تقدم ما هو جوابه معنى ،
وإن جئت بالظروف قبل من ، وما ، وأيّ ، على تقدير إضافة الظروف إلى الجمل ، فالواجب ، كما ذكر سيبويه (٣) : جعلها موصولة ، سواء ولي الكلم المذكورة ماض نحو : أتذكر إذ من أتانا أكرمناه ، أو مضارع نحو : أتذكر حين ما تفعله أفعله ؛
وقد يجوز في ضرورة الشعر جعلها شرطية ، قال لبيد :
٦٨٢ ـ على حين من تلبث عليه ذنوبه |
|
يجد فقدها إذ في المقام تدابر (٤) |
__________________
(١) انظر سيبويه ج ١ ص ٤٣٨ ؛
(٢) تكرر ذكره في هذا الشرح ؛
(٣) في الموضع السابق ؛
(٤) من شواهد سيبويه ج ١ ص ٤٤١ وهو من أبيات قالها لبيد بن ربيعة ، وكان له جار قد لجأ إليه فأهانه عم لبيد فغضب لبيد وقال في ذلك شعرا. منه هذا البيت ، ومنها شاهد تقدم في الظروف المبنية وهو :
فأصبحت أنى تأتها تشتجر بها |
|
كلا مركبيها تحت رجليك شاجر |