عنا ؛ والظروف المضافة إلى الجمل ، لا شكّ في إحداثها في الجمل معنى وهو تصييرها بمعنى المصدر ، ولا تبقى كلمة الشرط في الحقيقة في صدر الكلام ، لأن المصدر مفرد ، وليس الصلة وخبر المبتدأ كذلك ؛
فإن قيل : خبر المبتدأ ، أيضا إذا كان جملة يصير بسبب المبتدأ ، بتقدير المفرد ، قلت : لا نسلم ، وما الدليل على ذلك ، فإن هذا دعوى من بعض النحاة أطلقوها بلا برهان عليها قطعي ، سوى أنهم قالوا : الأصل هو الافراد ، فيجب تقديرها بالمفرد ، وهم مطالبون (١) بأن أصل خبر المبتدأ الإفراد ، بل لو ادّعي أن الأصل فيه الجملة ، لم يبعد ، لأن الاخبار في الجمل أكثر ، وكونها في محل الرفع لا يدل على تقديرها بالمفرد ، بل يكفي في تقدير الإعراب في الجمل : وقوعها موقعا يصح وقوع المفرد فيه ؛
وتقول : ما أنا ببخيل ، ولكن إن تأتني أعطك ، لأن «لكن» لا تغيّر معنى الجملة التي بعدها ، بل هي لاستدراك ما قبلها ، كما يجيء في الحروف المشبهة بالفعل ؛ قال :
٦٨٣ ـ فلست بحلّال التلاع مخافة |
|
ولكن متى يسترفد القوم أرفد (٢) |
وأمّا قوله :
٦٨٤ ـ وما ذاك أن كان ابن عمّي ولا أخي |
|
ولكن متى ما أملك الضر أنفع (٣) |
برفع أنفع ، لأن القوافي مرفوعة ، فعلى التقديم والتأخير ، لضرورة الشعر ، كما مرّ في قوله :
إنك ان يصرع أخوك تصرع (٤) ـ ٥٦٦
و «متى» ، شرطية بلا شبهة ، فتجزم «أملك» ، إذ لا تجيء موصولة كما ، ومن ، وأيّ ،
__________________
(١) أي مطالبون بإثبات ذلك ؛
(٢) من معلقة طرفة بن العبد. والتلاع جمعه «تلعة». وهي مجرى الماء من رؤوس الجبال يقول إني لست ممن يستتر في التلاع مخافة الضيق أو غدر الأعداء ولكني أظهر وأعطي من يطلب مني ؛
(٣) من شواهد سيبويه ج ١ ص ٤٤٢ وهو من قصيدة للعجير السلولي. وهي طويلة تتضمن قصة جرت له مع ابنة عم له كان يهواها ولكنها اختارت غيره حين خيّرت. وهي في خزانة الأدب ؛
(٤) تقدم ذكره قريبا ؛