لكن لا يقع عليها اسم المتعدي إذا أطلق ، بل يقال : هي لازمة ؛ وهذا كما ذكرنا في الأمر وأمر الغائب (١) ؛
ولا خلاف عندهم أن باب فعل ، كله لازم ، مع أن قرب وبعد ، منه (٢) ، وهو يتعدى إلى المفعول بحرف الجر ؛ ولا يبعد أن يرسم المتعدي بأنه : الذي يصح أن يشتق منه (٣) اسم مفعول غير مقيد على ما ذكرنا في حدّ المفعول به ، ويرسم اللازم بأنه الذي لا يصح أن يشتق منه ذلك ؛
واعلم أنه قيل في بعض الأفعال إنه متعدّ بنفسه مرة ، ومرة : انه لازم ، متعد بحرف الجر ، وذلك إذا تساوى الاستعمالان ، وكان كل واحد منهما غالبا (٤) ، نحو : نصحتك ونصحت لك ، وشكرتك وشكرت لك ؛
والذي أرى : الحكم بتعدّي مثل هذا الفعل مطلقا ، إذ معناه مع اللام ، هو معناه من دون اللام ، والتعدي واللزوم بحسب المعنى ، وهو بلا لام : متعد إجماعا ، فكذا مع اللام ، فهي ، إذن ، زائدة ، كما في : (رَدِفَ لَكُمْ)(٥) ، إلّا أنها مطردة الزيادة في نحو :
نصحت وشكرت ، دون «رَدِفَ» ؛
فإن كان تعدّيه بنفسه قليلا ، نحو : أقسمت الله ، أو مختصّا بنوع من المفاعيل ، كاختصاص «دخلت» بالتعدي إلى الأمكنة ، وأمّا إلى غيرها فبفي ، نحو : دخلت في الأمر ، فهو لازم حذف منه حرف الجر (٦) ؛
__________________
(١) من حيث أنه إذا أطلق لفظ الأمر ، انصرف إلى نوع معين ، وإذا أريد أمر الغائب فلا بدّ من تقييده ؛
(٢) أي من باب فعل بضم العين ؛
(٣) يشتق منه أو من مصدره ، ويصح أن يكون المعنى يشتق من مادته ؛
(٤) أي كثيرا في ذاته ، وليس المراد أنه غالب للآخر ومتفوق عليه ؛ لأن المفروض تساوي الاستعمالين ؛
(٥) من الآية ٧٢ في سورة النمل وتكررت كثيرا ؛
(٦) يعني في النوعين المذكورين ؛