قوله : «فهذه ، مفعولها الأول كمفعول أعطيت» ، اعلم أن مفعولها الأول كأوّل مفعولي أعطيت ، والثاني والثالث معا ، كثاني مفعولي أعطيت ، لأننا بيّنا في باب المفعول به ، أن هذه الأفعال ، في الحقيقة ، متعدية إلى مفعولين ، أولهما غير الثاني ، فمفعولها الثاني في الحقيقة : مضمون الثاني والثالث معا ، فمعنى ، أعلمتك زيدا قائما : أعلمتك قيام زيد ، فهو كأعطيت زيدا درهما ، سواء (١) ، فيجوز لك ألّا تذكر لها مفعولا أصلا ، كباب أعطيت ، وأن تذكر جميعها ، وأن تذكر الأول دون الثاني والثالث ، وأن تذكر الثاني والثالث دون الأول ، وأمّا ذكر واحد من الثاني والثالث وترك الآخر ، فعلى ما يجيء في أفعال القلوب (٢) ؛
وظاهر مذهب سيبويه : أنه لا يجوز ذكر أوّلها ، وترك الثاني والثالث ، لأنه قال (٣) :
لا يجوز أن يقتصر على واحد من الثلاثة ؛ فبعض النحاة أجرى كلامه على ظاهره ، ولم يجوّز الاقتصار على الأول ؛
وأجازه ابن السرّاج مطلقا ، وقال السيرافي : أراد سيبويه أنه لا يحسن الاقتصار على الأول ، لا أنه لا يجوز مطلقا ؛
ومذهب ابن السّراج أولى ، إذ لا مانع ، وتبعه المتأخرون ، فإذا قطعت النظر عن الأوّل ، فحال المفعول الثاني مع الثالث ، كحال أول مفعولي علمت مع الثاني ، لأنهما هما ، والأول هو الذي زاد بسبب الهمزة ، كما مضى ؛
__________________
(١) تقديره : الأمران سواء ؛
(٢) يأتي تفصيل ذلك بعد قليل ، في البحث التالي لهذا.
(٣) سيبويه ج ١ ص ١٩ ؛