أمّا الاستفهام ، ولام الابتداء ، وما ، وإن ، النافيتان ، فللزوم وقوعها في صدر الجمل وضعا ، فأبقيت الجمل التي دخلتها على الصورة الجمليّة ، رعاية لأصل هذه الحروف ، وإن كانت في تقدير المفرد ؛
وأما دخول لام الابتداء في المفرد ، نحو : إن زيدا لقائم ، فلضرورة ملجئة إليه ، وهي اجتماع إنّ واللام ، كما يجيء ،
وأمّا «لا» الداخلة على الجملة الاسمية فإنما كانت معلقة ، لأنها لاء (١) التبرئة المشابهة لإنّ المكسورة اللازم دخولها على الجمل ،
ومن المعلّقات : إنّ المكسورة ، إذا لم يمكن فتحها ، وذلك إذا جاء في حيّزها لام الابتداء ، نحو : علمت إنّ زيدا لقائم ، فإن اللام لا تدخل إلا مع المكسورة ، كما يجيء ، وأمّا إذا تجرّدت «انّ» عن اللام فإنها لا تعلّق ، لإمكان فتحها ، وجعلها معمولة لفعل القلب ، وذلك لأن المنصوبين بعد فعل القلب في تأويل المصدر ، فإذا أمكنك جعل «أنّ» حرفا مصدريا معمولا لفعل القلب بأن تفتح همزتها ، فهو أولى من عزل العامل بكسر «إنّ» عن عمله ، وأمّا قوله :
٧٠٠ ـ ولقد علمت لتأتينّ منيتي |
|
إن المنايا لا تطيش سهامها (٢) |
فإنما أجرى «لقد علمت» ، مجرى القسم ، لتأكيده للكلام ، لأن فيه اللام المفيدة للتأكيد ، مع «قد» المؤكدة ، وفي علمت معنى التحقيق فصار كقوله :
إني لأمنحك الصدود وإنني |
|
قسما إليك مع الصدود لأميل (٣) ـ ٨٩ |
__________________
(١) تقدم توجيهه وهو أنه قصد لفظ لا ، وإعرابها ، فضعّف ثانيها وأبدل همزة ؛
(٢) في سيبويه ج ١ ص ٤٥٦ نسبة هذا البيت إلى لبيد بن ربيعة ، ووافقه الأعلم في شرح الشواهد ، والموجود في معلقة لبيد ، في وصف بقرة غافلتها الذئاب فأخذت ولدها : هو قوله :
صادفن منها غرّة فأصبنه |
|
إن المنايا لا تطيش سهامها |
وقال البغدادي : ليس في شعر لبيد ما هو على هذا الروي الا المعلقة ؛
(٣) من قصيدة جيدة للأصوص الأنصاري وتقدم ذكره في باب المفعول المطلق من الجزء الأول ؛