وتلحق الكاف الحرفية بأرأيت الذي بمعنى أخبر ، لأنه لمّا صار بمعنى أخبر ، كان كاسم الفعل المنقول إلى الفعلية (١) عن شيء آخر ، نحو : النجاءك فاستغنى بتصريف الكاف تثنية وجمعا وتأنيثا عن تصريف تاء الخطاب ، فبقيت التاء في الأحوال مفردة مفتوحة ، سواء كان المخاطب مذكرا ، أو مؤنثا ، مفردا ، أو مثنى ، أو مجموعا ؛ وفاعل : أرأيتك : التاء ، لا «أنت» المقدر في نحو : رويدك ، لأن مفعوله بقي منصوبا على حاله مع صيرورته بمعنى أخبرني ، نحو : أرأيتك زيدا ما صنع ، فلا منع من بقاء فاعله أيضا ؛
وقال الفراء : بل أزيل الإسناد عن التاء إلى الكاف ، وهو مثل رويدك ، والنجاءك ، كما مضى في أسماء الأفعال (٢) ، أعني أن الكاف مرفوع المحل ؛
فإذا أردت برأيت ، فعل القلب ، فالكاف الملحق به : اسم يتصرّف بتصرّف المفعول الثاني ، وكذا التاء : يتصرف بتصرفهما ، نحو : أرأيتك زيدا ، و : أرأيتما كما الزيدين ، و : أرأيتموكم الزيدين ، وأرأيتك هندا ، و : أرأيتما كما الهندين ، و : أرأيتن كنّ الهندات ،
واعلم أنك إذا قلت : قد علمت من قام ، وجعلت «من» إما موصولة أو موصوفة ، فالمعنى : عرفت ذات القائم بعد أن لم أعرفها ؛
وإن جعلتها استفهامية ، فليس في الكلام دلالة على هذا المعنى ؛ بل المعنى : علمت أيّ شخص حصل منه القيام ، وربّما كنت تعرف قبل ذلك ذات القائم وأنه زيد ، مثلا ، وذلك لأن كلمة الاستفهام يستحيل كونها مفعولا ، لما تقدم (٣) لفظه عليها ؛ لاقتضائها صدر الكلام ، فيكون مفعول علمت ، إذن ، مضمون الجملة ، وهو قيام الشخص المستفهم عنه ، أعني زيدا ؛ وأمّا إن كانت موصولة أو موصوفة ، فالعلم واقع عليها ، فكأنك قلت : علمت زيدا الذي قام ؛
__________________
(١) أي إلى كونه اسم فعل ، وتعبيره فيه تساهل ؛
(٢) في الجزء الثالث من هذا الشرح ؛
(٣) اي للعامل الذي تقدم عليها لفظا ؛