ويتبيّن الاستفهام من غيره في «أيّ» لكونه معربا ، تقول في الاستفهام : علمت أيّهم قام ، برفع «أيّ» ، وإذا كان موصولا قلت : علمت أيّهم قام ، بنصبه ؛
وليست أداة الاستفهام التي تلي باب علم في نحو : علم زيد أيّهم قام ، مفيدة لاستفهام المتكلم بها ، للزوم التناقض في نحو : علمت أيهم قام ، وذلك لأن «علمت» ؛ المقدّم على «أيهم» : مفيد أن قائل هذا الكلام عارف بنسبة القيام إلى هذا القائم المعيّن ، لما ذكرنا أن العلم واقع على مضمون الجملة ، فلو كان «أيّ» لاستفهام المتكلم لكان دالّا على أنه لا يعرف انتساب القيام إليه ، لأن : أيهم قام ، استفهام عن مشكوك فيه هو انتساب القيام إلى معيّن ، ربّما يعرفه الشاكّ بأنه زيد أو غيره ، فيكون المشكوك فيه ، إذن ، : النسبة ، وقد كان المعلوم هو تلك النسبة ، وهو تناقض ؛ فنقول : أداة الاستفهام ، إذن ، لمجرّد الاستفهام ، لا لاستفهام المتكلم ، والمعنى : عرفت المشكوك فيه الذي يستفهم عنه وهو أن نسبة القيام إلى أيّ شخص هي ، وذلك الشخص في فرضنا : زيد ، فالمعنى : عرفت قيام زيد ؛ وإنما لم يصرح باسم القائم ولم يقل : علمت زيدا قائما ، أو : علمت قيام زيد ، لأن المتكلم قد يكون له داع إلى إبهام الشيء على المخاطب مع معرفته بذلك المبهم كما يكون له داع إلى التصريح به ؛ كقوله تعالى : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(١) ؛ ومثله كثير ؛
فعلى هذا يجوز وقوع الاستفهام الذي جوابه : لا ، أو ، نعم ، بعد فعل القلب ، نحو : علمت أزيد قائم ، أو : هل زيد قائم ، والمشكوك فيه ، الذي يستفهم عنه ههنا :
انتساب القيام إلى زيد ، أو عدم انتسابه كما كان المشكوك فيه مع الهمزة وأم ، ومع أسماء الاستفهام : أن انتساب الفعل إلى هذا المعيّن أو إلى ذلك من الأشخاص الواقعة عليها كلمة الاستفهام ؛
وكذا يجوز : علمت : أزيد قام أو عمرو ، وعلمت : هل زيد قام ، أو عمرو ،
__________________
(١) الآية ٢٤ سورة سبأ ؛ وتمثيله بها لمطلق الابهام بصرف النظر عن موضوع البحث ؛