وقد يقع المفرد بعد القول ، على خمسة أوجه :
أحدها : أن يكون مؤدّيا معنى الجملة فقط ، ويعتبر ذلك بأن تجعل مكان ذلك المفرد جملة ، ثم تحمل ذلك المفرد على تلك الجملة ، كما تقول ، مثلا : قلت كلاما حقّا ، أو باطلا أو صدقا ، أو كلاما حسنا ، إذا قلت : زيد قائم ثم تقول : زيد قائم كلام حقّ ، أو باطل أو كلام حسن ؛
وثانيها : أن يعبّر به عن المفرد لا غير ، نحو قلت كلمة ، أو لفظة عبارة عن زيد ، ويعتبر ذلك بأن يقع خبرا عن اللفظ المفرد ، نحو : زيد كلمة أو لفظ ،
وثالثها : أن يكون لفظا يصلح لأن يعبّر به عن المفرد ، وعن الجملة ، نحو : قلت لفظا ، فإنك تقول : زيد لفظ ، وزيد قائم لفظ ، فتنتصب هذه الثلاثة ، لأنها ليست أعيان اللفظ المحكي حتى تراعى ، وليست ، أيضا ، جملا مغيّرا لفظها اعتمادا على بقاء المعنى كما تقدم حتى يراعى أصلها ؛
ورابعها : مفرد غير معبّر به ، لا عن جملة ولا عن مفرد ، بل المراد به : نفس ذلك اللفظ بعينه ، فيجب حكايته ، ورعاية إعرابه ، نحو : قال فلان : زيد ، إذا تكلم بزيد مرفوعا ؛ وأمّا بناؤه فهل يراعى أو ، لا ؛ ذكرناه في باب العلم (١) ؛
وخامسها : مفرد غير معبّر به عن جملة ولا مفرد ، ولا مقصود به نفس ذلك اللفظ ، فيجب أن يقدّر معه ما يكون به جملة ، كقوله تعالى : (قالَ سَلامٌ ، قَوْمٌ مُنْكَرُونَ)(٢) ، أي : عليكم سلام ، قال :
٧٠٣ ـ إذا أقبلت قلت دبّاءة |
|
من الخضر مغموسة في الغدر (٣) |
__________________
(١) في الجزء الثالث من هذا الشرح ؛
(٢) الآية ٢٥ سورة الذاريات ؛
(٣) من قصيدة لامرئ القيس بن حجر ، وهو في وصف الفرس وبعده :
وإن أدبرت قلت أثفية |
|
ململمة ليس فيها أثر |
والدّبّاة : واحدة الدّباء وهو القرع. توصف بها الخيل لدقة مقدّمها وعظم مؤخّرها ؛