أي : هي دبّاءة ؛ وقوله تعالى : (قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ)(١) ، يجوز أن يكون «سلاما» المنصوب معبّرا به عن الجملة ، كما يقال فلان يقرئك السّلام ، أي : سلام عليك ، فيكون المنصوب في : قالوا سلاما بمعنى المرفوع في قوله ، قال سلام ؛ ويجوز أن يكون من القسم الأخير من الخمسة الأوجه (٢) ، فيكون مفعولا مطلقا لفعل محذوف ، أي : سلّمنا سلاما ، فيكون الجواب المرفوع ، أعني قوله : قال سلام ، أحسن منه على ما قال تعالى : (فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها)(٣) ، وذلك لدلالة الجواب على الثبوت المستفاد من الرفع ، على ما مضى في باب المبتدأ ؛
ويلحق ، عند الكوفيين بالقول ، في الحكاية ، ما في معناه ، كقولك : ناديته : عجّل ؛ وأخبرته : زيد قائم ، قال :
٧٠٤ ـ تنادوا بالرحيل غدا |
|
وفي ترحالهم نفسي (٤) |
وعند البصريين ، القول مقدر بعد مثل هذا الفعل ، وليس ملحقا به ، وإضمار القول ليس بعزيز في الكتاب العزيز ، فالتقدير : أخبرته وقلت : زيد قائم ، وتنادوا بقولهم : الرحيل غدا ، وكلا القولين قريب ؛
وتقول : ناديته سلام ، كما تقول : قلت سلام ، والتأويل ذلك التأويل ،
وقد يحذف المحكيّ بعد القول لقيام القرينة ، كما يسأل : من قال زيد قائم ، فتقول : أنا قلت ، كما يحذف القول ويبقى المحكي ، كما في قوله :
__________________
(١) من الآية ٦٩ سورة هود ؛
(٢) أشرت كثيرا إلى استعمال الرضي للعدد المضاف المعرف ، على هذا النحو وهو تعريف الجزأين وذلك مذهب الكوفيين. وبعض الأوقات يستعمل التركيب على مذهب البصريين فيقول مثلا : من خمسة الأوجه ؛
(٣) من الآية ٨٦ سورة النساء ؛
(٤) الرحيل برواية الرفع مبتدأ خبره «غدا» والباء جارة للجملة ، وقد بيّن الشارح تأويل البصريين له. فتكون الباء داخلة على القول المقدر ، وقد شرح البغدادي هذا البيت وبيّن ما فيه ثم قال : لم أقف على هذا البيت بأكثر من هذا ؛