أقول (١) : إذا كان «غدا» بمعنى مشى في الغداة ، كقوله تعالى : (أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ)(٢) ، وراح بمعنى رجع في الرواح وهو ما بعد الزوال إلى الليل ، نحو : راح إلى بيته ، فلا ريب في تمامهما ، وأمّا نحو قوله :
٧٠٩ ـ ولا خالف داريّة متغزل |
|
يروح ويغدو داهنا يتكحّل (٣) |
فإن كانا بمعنى يدخل في الرواح والغداة ، فهما أيضا تامّان ، والمنصوب بعدهما حال ؛ وإن كانا بمعنى يكون في الغداة والرواح فهما ناقصان ، فلا منع ، إذن ، من كونهما ناقصين ؛
ومن الملحقات : جاء ، في : ما جاءت حاجتك ، أي : ما كانت حاجتك ، و «ما» استفهامية ، وأنث الضمير الراجع إليه ، لكون الخبر عن ذلك الضمير مؤنثا ، كما في :
من كانت أمّك ؛ ويروى برفع حاجتك على أنها اسم «جاءت» و «ما» خبرها ؛ وأوّل من قال ذلك (٤) : الخوارج ، قالوه لابن عباس رضي الله عنهما حين جاء إليهم رسولا من عليّ رضي الله عنه ؛
ومنها «قعد» في قول الأعرابي : أرهف شفرته حتى قعدت كأنها حربة ، أي صارت ؛
قال الأندلسي : لا يتجاوز بهذين : أعني جاء ، وقعد ، الموضع الذي استعملتهما فيه العرب ، وطرده (٥) بعضهم ؛
__________________
(١) مناقشة لابن مالك في رأيه أن غدا وراح لا يكونان إلا تامّين ؛
(٢) الآية ٢٢ سورة القلم ؛
(٣) من لامية الشنفري التي منها الشاهد السابق. وهو من أبيات يصف فيها نفسه ، يقول : لست خالفا. والخالف الذي لا خير فيه من الرجال والداريّة : الملازم لداره لا يفارقها أو الملازم لامرأته. والداهن والمتكحل يريد بهما أنه ليس كالذي لا همّ له إلا التزين بالكحل والتطيب ؛
(٤) أي : ما جاءت حاجتك وفي سيبويه ج ١ ص ٢٥ : وزعم يونس أنه سمع رؤبة يقول : ما جاءت حاجتك فرفع ؛
(٥) أي جعله مطردا يقاس عليه ؛