وقد حكى سيبويه (١) وأبو الخطاب عن بعض العرب : ما زيل يفعل كذا ، وكيد يفعل كذا ، وأصلهما : زول وكود ، فنقلوا كسرة الواو فيهما إلى ما قبلها وقلبت ياء ، كما يفعل في المبني للمجهول في نحو : قيل ، وهو (٢) خلاف القياس ، والأكثر : ما زال ، وما كاد (٣) ؛
وقد يستعمل بعض هذه الأفعال المصدّرة بما ، للنفي : تامّا ، نحو : ما برح من موضعه ، قال تعالى : (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ)(٤) ، و : ما ونى في أمره ، و : ما انفكّ من هذا الأمر ؛ وأمّا : ما زال ، أو : لا يزال ، وما فتئ ، أو : فتأ ، أو أفتأ ؛ فلا يستعملان (٥) إلا ناقصين ،
قال سيبويه : إن «به» في قولك : ما زلت به حتى فعل : مفعول به ، والأولى أن نقول هو الخبر ، أي : ما زلت معه ،
ونقص ابن مالك من أخوات أصبح : غدا ، وراح (٦) ، فقال : هما لا يكونان إلا تامّين ، وإن جاء بعد مرفوعهما منصوب فهو حال كقوله :
٧٠٨ ـ غدا طاويا يعارض الريح هافيا |
|
يخوت بأذناب الشعاب ويعسل (٧) |
__________________
(١) هذا في سيبويه ج ٢ ص ٣٦٠ وحقه أن يقول : وحكى سيبويه عن أبي الخطاب. لأن عبارة سيبويه : وحدّثنا أبو الخطاب .. الخ وأبو الخطاب هو الأخفش الأكبر شيخ سيبويه كما تقدم بيانه. وتكرر ذكره ؛
(٢) أي هذا النقل والإبدال بالنسبة للمبني للمعلوم ؛
(٣) ذكر «ما» مع كاد في التمثيل للأكثر. غير ضروري ولكن المراد : الأكثر من حيث كون الفعل واوي العين ؛
(٤) الآية ٨٠ سورة يوسف ؛
(٥) التثنية باعتبار أن المذكور نوعان من الأفعال هي : زال. وتصرفاتها. وفتئ وتصرفاتها ؛
(٦) ما نقله عن ابن مالك موجود في التسهيل. باب الأفعال الرافعة للاسم. الناصبة للخبر ؛
(٧) هذا البيت من قصيدة الشنفري المعروفة بلامية العرب. وهو من الجزء الذي يصف فيه الذئب الجائع حين يبحث عن قوته. وقبل ذلك شبه نفسه بهذا الذئب حيث يقول :
وأغدو على القوت الزهيد كما غدا |
|
أزل تهاداه التنائف أطحل |
وقوله يعارض الريح هافيا : أي سريعا. وقيل معناه : جائعا. يخوت. يصرخ. ويعسل من العسلان وهو مشى فيه اضطراب ؛ واشتهرت الذئاب بهذه المشية ؛ ومن هذه اللامية شواهد أخرى في هذا الشرح.
منها الشاهد الذي يأتي بعد قليل؟