واعلم أنه لا تدخل الأفعال الناقصة على مبتدأ واجب الحذف ، كما ذكرنا في باب المبتدأ ، كما يكون للنعت المقطوع بالرفع ، وللممدوح أو المذموم ؛ ولا على مبتدأ لازم التصدر كأسماء الاستفهام والشرط ؛ ولا على مبتدأ عادم التصرف ، كما ، التعجبية ؛ ولا على مبتدأ يلزم الابتدائيّة لكونه في المثل ، كقولهم : الطعن يظئر (١) ، أو يلزمها لكونه في جملة كالمثل ، كالجمل الاعتراضية ، كقوله :
فأنت طلاق ، والطلاق عزيمة |
|
ثلاثا ومن يخرق أعقّ وأظلم (٢) ـ ٢٣٦ |
أو يلزم الابتدائية لكونه بعد «أمّا» وإذا المفاجأة ، أو لتضمنه معنى الدعاء ، كسلام عليك ، فإنه يلزم الابتدائية ليفيد معنى الثبوت ، كما ذكرنا في باب المبتدأ ،
ولا تقع أخبار هذه الأفعال جملا طلبيّة ، وذلك لأن هذه الأفعال ، كما تقدم ، صفات لمصادر أخبارها في الحقيقة ، ألا ترى أن معنى كان زيد قائما : لزيد قيام له حصول في الزمن الماضي ، ومعنى صار زيد قائما : لزيد قيام له حصول في الزمن الماضي بعد أن لم يكن ، ومعنى أصبح زيد قائما : لزيد قيام له حصول في الزمن الماضي وقت الصبح ، وكذا سائرها ، إذ في كلها معنى الكون مع قيد آخر ، كما ذكرنا غير مرة ؛
فلو كانت أخبارها طلبية لم تخل هي من أن تكون خبريّة أو طلبية ، فإن كانت خبريّة ، تناقض الكلام ، لأن هذه الأفعال ، لكونها صفة لمصدر خبرها ، تدل على أن المصدر مخبر عنه بالحصول في أحد الأزمنة الثلاثة ، والطلب في الخبر ، يدل على أنه غير محكوم عليه بالحصول في أحدها فيتناقض ، وبعبارة أخرى : مصدر الخبر في جميعها فاعل للفعل الناقص ، كما مرّ تقديره ، فلو قلت : كان زيد هل ضرب غلامه ، كان ضربه
__________________
(١) أصل الظئر : المرأة التي ترضع ولد غيرها ويلزم منه العطف. وقالوا : الطعن ظئار أي سبب للتعطف والتصالح وكذلك يظئر ؛
(٢) تقدم ذكره في الجزء الثاني من هذا الشرح ؛ وهو أحد أبيات ثلاثة أرسل بها الكسائي إلى محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة يسأله عن حكم ما تضمنته من هذه الصورة لإيقاع الطلاق ، وفي الإجابة عن ذلك تفصيل واسع.