إنشاء الطمع والرجاء ، كلعلّ ، والإنشاءات ، في الأغلب ، من معاني الحروف ، والحروف لا يتصرّف فيها ؛ وأمّا الفعل ، نحو : بعت ، والجملة الاسمية نحو : أنت حرّ ، فمعنى الإنشاء عارض فيهما ؛
قال الجوهري (١) : عسى من الله واجبة ، لاستحالة الطمع والإشفاق عليه تعالى ، إذ لا يكونان إلّا في المجهول ، وقوله تعالى : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ)(٢) للتخويف ، لا للخوف والإشفاق ، كما أن «أو» في كلامه تعالى ، للإبهام ، والتشكيك ، لا للشك ؛
قال أبو عبيدة (٣) : عسى من الله إيجاب ، فجاء على إحدى لغتي العرب لأن «عسى» للرجاء ، ولليقين أيضا ، وأنشد لابن مقبل :
٧٢٩ ـ ظنّي بهم كعسى وهم بتنوفة |
|
يتنازعون جوائز الأمثال (٤) |
أي : ظني بهم يقين ، هذا كلامه (٥) ؛ وأنا لا أعرف «عسى» في غير كلامه تعالى لليقين ، فقوله «عسى» لليقين ، فيه نظر ؛ ويجوز أن يكون معنى ، ظني بهم كعسى ، أي مع طمع ؛
وقد يكسرون سين «عسى» ، إذا اتصل به ضمير المتكلم ، نحو : عسيت ، عسينا ، أو ضمير المخاطب نحو : عسيت عسيتما عسيتم ، عسيت عسيتما ، عسيتنّ ، أو نون جمع المؤنث نحو : عسين ؛
وزعم الزجاج أن عسى حرف ؛ لما رأى من عدم تصرفه ، وكونه بمعنى لعلّ ؛ واتصال المرفوع به يدفع ذلك ، إلّا أن يعتذر بما يعتذر به أبو علي (٦) في ليس ، كما تقدم ؛
__________________
(١) صاحب الصحاح وتقدم ذكره في الأجزاء السابقة ؛
(٢) الآية ٥ سورة التحريم ؛
(٣) معمر بن المثنى من قدامى النحويين وشيخ أبي عبيد ، القاسم بن سلام ؛
(٤) من شعر تميم بن أبي بن مقبل ، ويختصر اسمه إلى تميم بن مقبل ؛ والبيت في شرح ابن يعيش ٧ / ١٢٠
(٥) أي كلام أبي عبيدة ، ذكره ليعقب عليه ، وينقده ؛
(٦) أي الفارسي وتكرر ذكره ؛