قوله : «عسى زيد أن يخرج» ، المتأخرون على أن «عسى» يرفع الاسم وينصب الخبر ، ككان ، والمقرون بأن بعد اسمه منصوب المحل بأنه خبره ، استدلالا بالمثل النادر مثل الزبّاء ، عسى الغوير أبؤسا (١) ، وقوله :
أكثرت في العذل ملحّا دائما |
|
لا تكثرن إني عسيت صائما (٢) |
ونقل عن سيبويه (٣) منع كون «أن يفعل» خبره ؛ قيل : إنما قال ذلك ، لأن الحدث لا يكون خبرا عن الجثة ، وقوله : أبؤسا ، وصائما ، لتضمن «عسى» معنى «كان» فأجرى في الاستعمال مجراه ، عذر من جعله خبرا أن يقدّر مضافا ، إمّا في الاسم ، نحو : عسى حال زيد أن يخرج ، أو في الخبر ، نحو : عسى زيد صاحب أن يخرج ؛
قال أبو علي في القصريات (٤) : عسى زيد أن يقوم أي عسى زيد ذا قيام ، وفي هذا العذر تكلف ، إذ لم يظهر هذا المضاف إلى اللفظ أبدا ، لا في الاسم ولا في الخبر ؛ وقال بعضهم : «أن» زائدة ، وفيه ، أيضا ، نظر ، لأن الزائد لا يلزم إلّا مع بعض الكلم ، كزيادة «ما» في قولهم : «افعل هذا آثرا ما» (٥) ، ولزومه مطردا في موضع معيّن مع أي كلمة كانت : بعيد ؛
وقيل : المقترن بأن ، مشبّه بالمفعول به ، وليس بخبر ، كخبر كان ، حتى يلزم كون الحدث خبرا عن الجثة ، وذلك لأن المعنى الأصلي : قارب زيد أن يخرج أي الخروج ثم تغيّر معنى الكلام عن ذلك الأصل ، بإفادة «عسى» لإنشاء الطمع ، كما كان أصل معنى : ما أحسن زيدا ، شيء جعله حسنا ، ثم تغيّر عنه بإفادة إنشاء التعجب ، وكذا
__________________
(١) مما قاله الزباء في قصتها مع قصير الذي احتال عليها حتى قضى عليها ، وينسب هذا الكلام إلى غير الزباء ، أيضا ؛
(٢) نسبه بعضهم إلى رؤبة بن العجاج وقال البغدادي انه لم يجده في ديوان رجزه ؛
(٣) هذا مستفاد من كلام سيبويه في كتابه ج ١ ص ٤٧٧ ؛ ولفظه : وعسى محمولة عليها أن كما تقول : دنا أن يفعلوا ؛
(٤) من مؤلفات أبي علي الفارسي ، واسمه المسائل القصرية ، ومثله المسائل البغدادية وغيرها
(٥) بزيادة «ما» والمراد : افعل هذا مؤثرا له على غيره ، أي أبدأ به ؛