فعلى مذهب الكوفيين ، إذا حذفت «أن» في الخبر ، مع قلة ذلك ، قلنا انها مقدّرة لقوّة الدلالة عليه فيكون كقولهم تسمع بالمعيديّ لا أن تراه ،
قوله : «وعسى أن يخرج زيد» ، اعلم أن من ذهب إلى أنّ «أن» مع الفعل في : عسى زيد أن يخرج ، خبر عسى ، جاز أن يقول في عسى أن يخرج زيد : انه خبر ، أيضا ، وهو من باب التنازع ، فيقول في التثنية على اختيار البصريين : عسيا أن يخرج الزيدان ، وعلى اختيار الكوفيين : عسى أن يخرجا الزيدان ، وعلى هذا قياس الجمع والمؤنث ، وجاز أن يقول : إن «أن يخرج» فاعل «عسى» وزيد فاعل يخرج ، فيقول في التثنية : عسى أن يخرج الزيدان لا غير ؛
وقوله تعالى : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً)(١) ، لو جعلنا الفعلين متنازعين في «ربك» لم يجز اعمال الأول أعني «عسى» ، لكون «ربك» وهو أجنبي ، إذن ، فاصلا بين بعض الصلة وبعض ؛
وقوله تعالى : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً)(٢) ، يجوز أن يكون الفعلان متنازعين في «شيئا» وقد أعمل الثاني ، وأن يكون (أَنْ تَكْرَهُوا) فاعل «عسى» ، كما في قوله تعالى : (عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ) ، و : (عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ)(٣) ،
وأمّا نحو : الزيدان عسى أن يقوما ، والزيدون عسى أن يقوموا ، فأن ، فاعل «عسى» قولا واحدا ؛
ولا يضمر في «عسى» ضمير الشأن ، لأنه ليس من نواسخ الابتداء ، كما كان «كاد» منها ، وقوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ)(٤) ، في «كاد» ضمير الشأن ، ويجوز أن يكون من باب التنازع وقد أعمل الأول ، ولو أعمل الثاني لقال
__________________
(١) الآية ٧٩ سورة الإسراء ؛
(٢) من الآية ٢١٦ سورة البقرة ؛
(٣) الآية ١١ سورة الحجرات ؛
(٤) الآية ١١٧ سورة التوبة ؛ على قراءة من قرأ تزيغ بالتاء