كادُوا يَفْعَلُونَ» (١) ، أو في المستقبل ، واستدلّ على كونه في المستقبل أيضا للإثبات ، بتخطئة الشعراء ذا الرمة في قوله : إذا غيّر النأي ... البيت ، وقولهم (٢) : نراه قد برح ؛ حتى أدّى ذلك إلى أن غيّر ذو الرمة ، لم يكد ، إلى : لم أجد ، ولم يكد ، مستقبل ، لأنه جواب إذا ، فلولا أنهم فهموا الإثبات ، لم يخطئوه ؛
والجواب عن الاستدلال بقوله تعالى : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) أن اثبات الفعل مفهوم من القرينة ، أي قوله تعالى (فَذَبَحُوها) لا من (كادُوا) كما تقدم ؛ ولهذا لم يفد الإثبات في قولنا : مات زيد وما كاد يسافر ، لما لم تكن قرينة ؛
وأمّا الجواب عن تخطئة الشعراء .. فبأنّ تخطئتهم وتصويب ذا الرمة في بديهته ؛ بناء على الدليل المذكور ، أي أنّ نفي القرب من الفعل لا يكون إثباتا له ، وقد خطا المخطئين ، وذا الرمة ، في رويّته : من قال حين سمع تلك الحكاية : أصابت بديهته وأخطأت رويته (٣) ؛
وقال بعضهم : ان نفي الماضي إثبات ، لشبهة قوله تعالى : (فَذَبَحُوها ، وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) ، ونفي المضارع نفي ، لقوله : (لَمْ يَكَدْ يَراها) ، وقول ذي الرمة : لم يكد يبرح ؛
وعند الأخفش يجوز زيادة كاد ؛
قوله : «والثالث» أي الذي يفيد شروع فاعله في مضمون الخبر ، وقد ذكرنا مرادفات طفق ، وأحوالها ، يقال : طفق يطفق طفقا ، كغرق يغرق غرقا ، وحكى الأخفش عن بعضهم : طفوقا ، وقد جاء : طفق يطفق ، كجلس يجلس ، ويستعمل مضارع : كاد ، وأوشك ، خصوصا من بين جميع الأفعال المذكورة في هذا الباب ؛
__________________
(١) الآية ٧١ سورة البقرة ؛
(٢) أي قول الشعراء الذين خطّأوا ذي الرمة وقولهم نراه قد برح معناه أنهم فهموا من لم يكد يبرح أنه قد برح وزال وهذا وجه الخطأ ؛
(٣) معناه أن قوله الأول لم يكد يبرح كان على البديهة من غير تفكر ، وقوله الثاني نشأ عن رؤية وتفكير بعد اتهام الشعراء له بالخطأ ؛ وفي الخزانة أفاض البغدادي في شرح هذا البيت ؛