وكاليوم رجلا ، وويلمه رجلا (١) ؛
بلى ، ينتقض بنحو : قاتله الله من شاعر ، ولا شلّ عشره ، (٢) فإنه فعل وضع لإنشاء التعجب ، وليس بمحض الدعاء ؛ وكذا قولهم : أبرحت ربّا (٣) ؛ إلّا أن يقول : إن هذه الأفعال ليست موضوعة للتعجب ، بل استعملت لذلك بعد الوضع ، وأمّا نحو : تعجبت ، وعجبت ، فهو ، وإن كان فعلا : ليس للإنشاء ؛
واعلم أن التعجب : انفعال يعرض للنفس عند الشعور بأمر يخفى سببه ، ولهذا قيل :
إذا ظهر السبب بطل العجب ؛
ولا يجوز التعجب ، منه (٤) تعالى ، حقيقة ، إذ لا يخفى عليه شيء ؛
ففعل التعجب في اصطلاح النحاة ، هو ما يكون على صيغة : ما أفعله ، أو : أفعل به دالّا على هذا المعنى ، وليس كل فعل أفاد هذا المعنى ، يسمّى عندهم فعل التعجب ؛
قوله : «وهي غير متصرفة» لمشابهتها بالإنشاء للحروف وهي غير متصرفة ، وأيضا ، كل لفظ منها صار علما لمعنى من المعاني ، وإن كان جملة ، فالقياس ألّا يتصرّف فيه ، احتياطا لتحصيل الفهم ، كأسماء الأعلام ، فلهذا ، لم يتصرّف في : نعم ، وبئس ، وفي الأمثال ؛
قوله : «ولا يبنيان إلّا مما يبنى منه أفعل التفضيل» ، قد مضى ذلك في باب أفعل التفضيل (٥) ، ويزيد عليه فعل التعجب بشرط ، وهو أنه لا يبنى إلّا مما وقع في الماضي واستمر ، بخلاف التفضيل فإنك تقول : أنا أضرب منك غدا ، ولا يتعجّب إلا مما حصل في الماضي
__________________
(١) تقدم كثير من هذه الأمثلة في باب التمييز ـ في الجزء الثاني من هذا الشرح ؛
(٢) عشره أي عشر أصابعه ، وهو كقوله لا شلت يداه ؛
(٣) إشارة إلى قول الأعشى : أبرحت ربا وأبرحت جارا ، وقد تقدم في باب التمييز أيضا ؛
(٤) أي لا بصدر منه تعالى على الحقيقة ، فقوله «منه» متعلق بيجوز ؛
(٥) في أواخر الجزء الثالث من هذا الشرح ؛ وقد أحال الرضي هنا كثيرا على أفعل التفضيل ؛