واستمر ، حتى يستحق أن يتعجّب منه ، أمّا الحال الذي لم يتكامل بعد ، والمستقبل الذي لم يدخل بعد في الوجود ، والماضي الذي لم يستمر فلا تستحق التعجب منها ، فلهذا كان أشهر صيغتي التعجب ، على الماضي أعني : ما أفعل (١) ،
قيل : لا يبنى فعل التعجب إلّا من فعل ، مضموم العين في أصل الوضع ، أو من المنقول إلى فعل ، إذا كان من غيره ، نحو : ما أضرب وما أقتل ، ليدلّ بذلك على أن المتعجّب منه صار كالغريزة ، لأن باب فعل موضوع لهذا المعنى ، وكذا قيل في أفعل التفضيل ، فكأنّ أصل : ما أضربك لزيد ، وما أقتلك له ، وأنت أضرب لزيد وأقتل له : ضرب لزيد وقتل له ، ولم يستعمل هذا الأصل ، لأن نقل الفعل إلى فعل ، لبناء التعجب منه ، لا لذاته ، فلهذا لا يتعديان إلى المفعول الذي كان الفعل الثلاثي يتعدى إليه بنفسه ، إلّا باللام ، كما رأيت ؛
ولا يبنى فعل التعجب من المبني للمفعول ، لما مرّ في أفعل التفضيل ، ويجوز تعليل امتناع مجيئهما للمفعول بكونهما مأخوذين من فعل المضموم العين كما ذكرنا ، وهو لازم ؛ وربّما يبنى من المفعول إذا أمن التباسه بالفاعل نحو : ما أجنّه ، وما أشهره ، وما أمقته إليّ ، وما أعجبه إليّ وما أشهاه إليّ ، فيتعدى ، كما ذكرنا في أفعل التفضيل ، إلى ما هو الفاعل في المعنى بإلى ، أو بعند ، نحو : أحظى عندي ، وذلك إذا تضمن معنى الحب ، أو البغض ؛
قال سيبويه : جميع ذلك مبني على فعل ، وإن لم يستعمل ، فكأن : أبغضه وأعجبه ، وأمقته ، من بغض ، وعجب ، ومقت ، وإن لم يستعمل ، وأشهاه ، من شهو ، كما يقال : رموت اليد يده ؛
وقياس التعجب من المبني للمفعول أن يكون الفعل المبني له صلة ل «ما» المصدرية ،
__________________
(١) اقتصر على التمثيل بالصيغة الأولى لأن في الثانية خلافا وإن كان المشهور أنها صيغة فعل ماض حوّلت إلى صورة الأمر وسيأتي تفصيل الكلام عليها واختيار الرضي فيها ؛