قوله : «المجرد عن ضمير بارز» ، احتراز عن الملتبس بالضمير البارز المرفوع ، ثم بيّن أن ذلك الضمير لا يكون في المضارع إلا في المثنى والمجموع والمخاطب المؤنث ، نحو : يضربان ، ويضربون ، وتضربين ، وإنما احترز عن هذه الأمثلة الخمسة (١) ، لأنها لا تكون بالضمة والفتحة والسكون ، بل بالنون وحذفها ، كما يجيء ؛ وإنما قيّد الضمير بالبارز ، لأنه لو قال : المجرد عن الضمير ، وسكت ، لوجب ألّا يكون المتصل بالضمير المستكن ، نحو : زيد يضرب ، وهند تضرب ، وأنت تضرب ، وأضرب ، ونضرب : بالضمة (٢) والفتحة والسكون ؛ وإنما قيّد الضمير البارز بالمرفوع ، لأنه لو سكت على قوله : المجرد عن ضمير بارز ، لوجب ألّا يكون المتصل بالضمير البارز المنصوب نحو يضربك : بالضمة والفتحة والسكون.
قوله : «والمتصل به ذلك» ، أي المضارع المتصل به ذلك الضمير البارز المرفوع ، وهو الألف ، والواو ، والياء ، في الأمثلة الخمسة : يرتفع بالنون وينتصب وينجزم بحذفها.
وإنما أعرب هذا بالنون ، لأنه لمّا اشتغل محل الإعراب وهو اللام ، بالضمة لتناسب الواو ، وبالفتحة لتناسب الألف ، وبالكسرة لتناسب الياء : لم يمكن دوران الإعراب عليه ، ولم يكن فيه علة البناء حتى يمتنع الإعراب بالكلية ، فجعل (٣) النون بدل الرفع لمشابهته في الغنة للواو ، وإنما خصّ هذا الإبدال بالفعل اللاحق به الواو والألف والياء ، دون نحو : يدعو ويرمي ويخشى ، والقاضي ، وغلامي ، وإن كان الإعراب في جميعها مقدرا لمانع مع كونها معربة ، ليكون الفعل اللاحق به ذلك الضمير ، كالاسم المثنى والمجموع بالواو والنون ، وذلك لكون ألف «يضربان» ، مشابها لألف «ضاربان» ، وواو «يضربون» مشابها لواو «ضاربون» ، وإن كان بينهما فرق من حيث إن اللاحق للاسم حرف ؛ وحمل الياء في تفعلين على أخويه : الألف والواو ، في لحاق النون بهما.
__________________
(١) الأمثلة الثلاثة المتقدمة يزاد عليها صيغة المخاطب في الأوّلين.
(٢) خبر عن قوله : ألّا يكون المتصل .. الخ.
(٣) مرتبط بقوله : لم يمكن دوران.