أي : الذي أحسن زيدا : موجود ، وفيه بعد ، لأنه حذف الخبر وجوبا مع عدم ما يسدّ مسدّه ؛ وأيضا ليس في هذا التقدير معنى الإبهام اللائق بالتعجب ، كما كان في تقدير سيبويه ، ومذهب سيبويه ضعيف من وجه ، وهو أن استعمال «ما» نكرة غير موصوفة : نادر ، نحو : (فَنِعِمَّا هِيَ)(١) ، على قول ، ولم تسمع مع ذلك مبتدأة ؛
وقال الفراء ، وابن درستويه : ما استفهامية ، ما بعدها خبرها ، وهو قويّ من حيث المعنى ، لأنه ، كأنّه جهل سببه فاستفهم عنه ، وقد يستفاد من الاستفهام معنى التعجب ، نحو قوله تعالى : (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ)(٢) ،
و : أتدري من هو ، و : لله درّه أيّ رجل كان ، قال :
٧٤٠ ـ فأومأت إيماء خفيا لحبتر |
|
ولله عينا حبتر أيّما فتى (٣) |
قيل : مذهبه (٤) ضعيف ، من حيث أنه نقل من معنى الاستفهام إلى معنى التعجب ، فالنقل من إنشاء إلى إنشاء مما لم يثبت ،
وأما أحسن بزيد ، فعند سيبويه : أفعل صورته أمر ومعناه الماضي ، من أفعل ، أي صار ذا فعل ، كألحم أي صار ذا لحم ، والباء بعده زائدة في الفاعل لازمة ، وقد تحذف إن كان المتعجب منه «أن» وصلتها نحو : أحسن أن تقول ، أي بأن تقول ، على ما هو القياس ،
وضعّف قوله ، بأن الأمر بمعنى الماضي ممّا لم يعهد ، بل جاء الماضي بمعنى الأمر ، نحو : اتّقى امرؤ ربّه (٥) ؛ وبأنّ أفعل بمعنى صار ذا كذا ، قليل ، ولو كان منه ، لجاز
__________________
(١) من الآية ٢٧١ سورة البقرة ؛
(٢) الآية ١٧ سورة الانفطار ؛
(٣) للراعي النميري ، وحبتر : اسم غلامه وهو يذكر في الأبيات التي منها هذا : ما وقع له من نزول ضيف في سنة جدباء وكانت ابل الراعي غائبة فأومأ بعينه إلى حبتر فنحر ناقة الضيف .. ثم لما عادت ابله أعطاه ناقة بدلا منها وزاده أخرى ؛
(٤) أي الفراء ومن أخذ برأيه ؛
(٥) معناه : ليتق كل امرئ ربه ؛