ألحم بزيد ، وأشحم بزيد ، وبأن زيادة الباء في الفاعل قليلة ، والمطرد زيادتها في المفعول ؛
فقال الفراء ، وتبعه الزمخشري وابن خروف : إنّ أحسن أمر لكل واحد بأن يجعل زيدا حسنا ، وإنما يجعله حسنا كذلك بأن يصفه بالحسن ، فكأنه قيل : صفه بالحسن كيف شئت ، فإن فيه منه كل ما يمكن أن يكون في شخص ، كما قال :
٧٤١ ـ وقد وجدت مكان القول ذا سعة |
|
فإن وجدت لسانا قائلا فقل (١) |
وهذا معنى مناسب للتعجب بخلاف تقدير سيبويه ، وأيضا ، همزة الجعل أكثر من همزة : صار ذا كذا ، وان لم يكن شيء منهما قياسا مطردا ؛
وإنما لم يصرّف على هذا القول ، أفعل ، وإن خوطب به مثنى أو مجموع أو مؤنث ، فلم يقل : أحسنا ، أحسنوا ، أحسني ، أحسنّ ، لما ذكرنا من علة كون فعل التعجب غير متصرف ، وسهّل ذلك انمحاء معنى الأمر فيه كما انمحى في : ما أفعل ، معنى الجعل ، وصار معنى أفعل به كمعنى ما أفعل ، وهو محض إنشاء التعجب ، ولم يبق فيه معنى الخطاب حتى يثنى ويجمع ويؤنث باعتبار تثنية المخاطب وجمعه وتأنيثه ؛ فهمزة أفعل ، على هذا للجعل ، كهمزة ما أحسن ، والباء مزيدة في المفعول وهو كثير ، كما يجيء في حروف الجر ؛
وأجاز الزجاج أن تكون الهمزة للصيرورة ، فتكون الباء للتعدية ، أي : اجعله ذا حسن ، والأول أولى ، لقلة همزة الصيرورة ،
ثم ان الزجاج اعتذر لبقاء «أحسن» في الأحوال ، على صورة واحدة بكون الخطاب لمصدر الفعل ، أي : يا حسن أحسن بزيد ، وفيه تكلف وسماجة من حيث المعنى ، وأيضا ، نحن نقول : أحسن بزيد يا عمرو ، ولا يخاطب شيئان في حالة واحدة ، إلّا أن نقول : معنى خطاب الحسن قد انمحى ،
ويجب كون المتعجب منه مختصّا ، فلا يقال : ما أحسن رجلا ، لعدم الفائدة ، فإن
__________________
(١) هذا من شعر المتنبي في مدح سيف الدولة ، وليس هنا للاستشهاد وإنما ذكره تأييدا للمعنى الذي ذكره في شرح صيغة التعجب ؛