ولم يجز في نعم تأخير التمييز عن المخصوص اختيارا ، وجاز ههنا ؛ لأن التمييز ههنا عن الظاهر ، أي «ذا» ، وهناك عن الضمير المستكن ،
وأيضا : التمييز لازم عن الضمير ، جائز عن «ذا» ؛ وإنما جاز ترك التمييز ههنا ، تفضيلا للظاهر على الضمير ، وقيل : إنما لم يجز ترك التمييز في نعم ، إذ قد يلتبس المخصوص بالفاعل لو لا التمييز في بعض المواضع ، نحو : نعم السلطان ، بخلاف حبذا ، فإن «ذا» فيه ، ظاهر فاعليّته ؛
وربّما حذف المخصوص ههنا للقرينة كما حذف في نعم ، وقد يفرد «حبّ» عن «ذا» ، فيجوز ، إذن ، نقل ضمة عينها إلى فائها ، كما يجوز حذفها (١) ، قال :
٧٥٥ ـ فقلت اقتلوها عنكم بخراجها |
|
وحبّ بها مقتولة حين تقتل (٢) |
بفتح الحاء وضمها ، وكذا كلّ ما هو على فعل ، إذا كان المراد به المدح ، أو التعجب ، كقوله : بعد ما متأمّلي (٣) ؛ وأنشد الجوهري (٤) :
٧٥٦ ـ لا يمنع الناس مني ما أردت ولا |
|
أعطيهم ما أرادوا حسن ذا أدبا (٥) |
ويروى ، أيضا : عظم البطن بطنك ؛
والتغيير في اللفظ ، دلالة على التغيير في المعنى ، إلى المدح أو التعجب ،
وقد يجرّ فاعل «حبّ» بالباء ، مفردا عن «ذا» ، تشبيها بفاعل أفعل ، تعجبا ، كما قال : وحبّ بها مقتولة ؛
تم قسم الأفعال والحمد لله رب العالمين ؛
__________________
(١) أي حذف الضمة ؛
(٢) من قصيدة للأخطل ، وهو في وصف الخمر ؛
(٣) في بيت امرئ القيس السابق ؛
(٤) اسماعيل بن حماد الجوهري صاحب معجم الصحاح وتقدم ذكره ؛
(٥) من قصيدة لسهم بن حنظلة الغنوي. شاعر مخضرم أدرك الإسلام. ومن هذه القصيدة :
قد يعلم الناس أني من خيارهم |
|
في الدين دينا وفي أحسابهم حسبا |